فإنّه يتشكّل من مجموعها مسائل علم واحد لموضوع واحد حقيقة ، وهو المطلوب . وحيث ثبت في محلّه أنّ المنهج في الفلسفة والمسائل الفلسفيّة هو تحصيل اليقين البرهاني ، وثبت أيضاً أنّ المحمولات في العلم الأعلى كلّها عوارض ذاتية للموجود المطلق من حيث إنّه موجود ، فلا بدّ أن يكون الموجود المطلق هو الموضوع الواحد لعلم الفلسفة الذي تدور حوله مسائل ذلك العلم ، وتكون المحمولات العرضية فيه كلّها منتزعة من ذلك الموضوع ومحمولة عليه وتربطها معه رابطة ذاتية نفس أمرية . وإن لم نشترط في العلم موضوعاً معيّناً ، فإنّه لا يكون في ذلك العلم إلاّ قضايا متناثرة غير يقينيّة ، لكلّ واحدة منها موضوعها ومحمولها الخاصّ ، ومع فرض عدم وجود الموضوع لا يوجد هناك عرض ذاتيّ ، ولا قضايا يقينيّة برهانية ، وهذا ما لا يمكن الالتزام به في جميع العلوم ، لأنّ بعض العلوم كالفلسفة والرياضيات مسائلها برهانية ، يطلب فيها تحصيل اليقين الخاصّ ، والعلاقة بين موضوعها ومحمولاتها علاقة ذاتية ، وإلاّ فلا يبقى عندنا مجال لأيّ استدلال برهانيّ ، إذ من شرائط صحّة القياس البرهاني أن يكون المحمول ذاتياً للموضوع ، فلا بدّ من فرض علاقة ذاتية بين المحمول والموضوع ، لكي يمكننا تشكيل مقدّمة برهانية واستدلال برهانيّ ، يستحيل فيه الانفكاك بين المحمول والموضوع ، يعني من قبيل الرابطة بين العلّة والمعلول . فالواقعيّة مثلاً إذا كانت متحقّقة فهي إمّا واجبة وإمّا ممكنة ويستحيل أن لا تكون كذلك ، وهذا هو المراد من الذاتية والخارج المحمول . ثمّ إنّ العوارض الذاتية المتعدّدة لموضوع واحد على قسمين : القسم الأوّل : المحمولات التي تكون محمولة على الموضوع مباشرةً ، بلا واسطة في العروض أو الثبوت أو الإثبات ، من قبيل قولنا : الوجود خارجيّ ،