هذا كلّه من حيث طريق الاستدلال وشكله وصورته . وأمّا من حيث مضمون القياس ومحتواه ، فلا بدّ أن تكون موادّه برهانية ، فالقياس لكي يكون منتجاً لليقين لا بدّ أن يكون برهانيّاً ، والبرهان هو القياس المؤلّف من قضايا يقينيّة ، ويشترط في القضايا اليقينيّة في القياس البرهاني أن تكون ضروريّة الصدق ودائمة الصدق بحسب الأزمان وكلّية في الصدق بحسب الأحوال ، وأن تكون ذاتية المحمول للموضوع . وهذا ما أشار له الطباطبائي في تعليقته على الأسفار بقوله : « الاقتصار في العلوم على البحث عن الأعراض الذاتية لا يبتني على مجرّد الاصطلاح والمواضعة بل هو ممّا يوجبه البحث البرهاني في العلوم البرهانيّة ، على ما بيّن في كتاب البرهان . توضيحه : إنّ البرهان لكونه قياساً منتجاً لليقين ، يجب أن يتألّف من مقدّمات يقينيّة - واليقين هو العلم بأنّ كذا كذا وأنّه لا يمكن أن لا يكون كذا - والمقدّمة اليقينيّة : يجب أن تكون ضروريّة أي في الصدق ، وإن كانت ممكنة بحسب الجهة ، وإلاّ لم يمتنع الطرف المخالف فلم يحصل يقين ، وهذا خلف . وأن تكون دائمة أي في الصدق بحسب الأزمان ، وإلاّ كذب في بعض الأزمان ، فلم يمتنع الطرف المخالف ، فلم يحصل يقين ، وهذا خلف .