والمراد من اليقين المركّب هو الذي يتوفّر على أركان أربعة : هي الجزم بثبوت المحمول للموضوع ، والجزم باستحالة انفكاك أحدهما عن الآخر ، وأنّ الجزم الأوّل لا يزول ، وكذلك الجزم الثاني . وهذه المسألة - كما هو واضح - من المسائل الكلامية التي لا بدّ من الرجوع فيها إلى الأدلّة ، من العقل والكتاب والسنّة ، لمعرفة ما هو المطلوب فيها ، وأنّه اليقين المركّب المنطقي أو أنّه يكفي فيه اليقين البسيط والاطمئنان . والمتّفق عليه في كلمات علمائنا أنّ الأصول الاعتقادية من قبيل المبدأ والنبوّة والمعاد وجملة من خصائص وصفات الواجب تعالى يشترط فيها تحصيل اليقين المنطقي المركّب ، فلا بدّ من الاعتقاد بأنّ الله تعالى موجود ويستحيل أن يطرأ عليه العدم ، وأنّه عالم ويستحيل أن يعرضه الجهل ، وهكذا بقيّة أصول الاعتقادات ، يشترط فيها اليقين الرياضي المركّب كاليقين بثبوت الزوجية للأربعة ، ولا يكفي العلم واليقين بثبوت المحمول للموضوع مع إمكان ارتفاعه بانفكاك أحدهما عن الآخر . 4 . ما هو السبيل لتحصيل اليقين المنطقي ؟ ذكروا في المنطق بأنّ الطرق العلمية للاستدلال من حيث الهيئة هي ثلاثة طرق رئيسية ؛ القياس ، والتمثيل ، والاستقراء . وقد آمن المنطق الأرسطي بأنّ القياس هو الطريق الوحيد الذي يوصلنا إلى نتائج يقينيّة بالمعنى الأخصّ ، وذلك لأنّ أشكال القياس وصوره كلّها ترجع إلى الشكل الأوّل ، الذي يكون الحدّ الأوسط فيه محمولاً في الصغرى وموضوعاً في الكبرى ، بحيث يكون وضع الأكبر والأصغر مع الأوسط في المقدّمتين هو عين وضع أحدهما مع الآخر في النتيجة ، فكما يكون الأصغر موضوعاً في النتيجة يكون موضوعاً في الصغرى ، وكما يكون الأكبر محمولاً