يتضمّن مفادها الإنبغاء وعدمه كي تندرج في آيديولوجية الأحكام أو الأخلاق والقوانين . وهكذا الحال بالنسبة إلى الاعتقاد بالنبوّة والمعاد ، فإنّ الإنسان إنّما يكون مخاطباً بإنبغاء العدل وعدم إنبغاء الظلم فيما إذا كان هناك معاد وجزاء وتجسّم للأعمال واتّحاد للعقل والعاقل والمعقول ، إلى غير ذلك من الأحكام النظرية المبتنية على أبحاث فلسفيّة معمّقة وحسّاسة . وممّا ذكرناه تتّضح العلاقة الوطيدة التي تربط الآيديولوجية بالرؤية الكونية ، فإذا كانت الأخيرة قائمة على أساس الرؤية التوحيديّة والإيمان بالله تعالى والمعاد والنبوّة والوحي ، فإنّ السلوك العملي الذي تتطلّبه مثل هذه الرؤية يختلف تماماً عن السلوك العملي الذي تتطلّبه الرؤية الكونية المادّية التي تتبنّى إنكار تلك المحاور الثلاثة . يقول العلاّمة المطهّري : « لماذا نرى هذا الفرد يدافع عن هذه الآيديولوجية ، بينما يدافع الآخر عن آيديولوجية أخرى ، ولو سألنا هذا الفرد أو ذاك عن السبب الذي أدّى به إلى الاعتقاد بهذه الآيديولوجية دون تلك لوجدنا أنّ الجواب يأتي من خلال الرؤية الكونية التي يحملها الفرد عن الإنسان والعالم والتاريخ والوجود . وعليه فالآيديولوجيّات هي وليدة الرؤى الكونية ، فإذا اختلفت هذه الرؤى بعضها عن بعض فإنّها ستؤدّي إلى تفاوت واختلاف الآيديولوجيّات فيما بينها ، لأنّ الأساس الفكري الذي تنطلق منه الآيديولوجيّة هو التفسير الذي يملكه الإنسان عن العالم والإنسان والوجود » [1] .
[1] شناخت ، الشهيد مرتضى مطهري ، انتشارات صدرا ، قم : ص 13 ( ترجمة عن النسخة الفارسيّة ) .