وأجابوا عن ذلك : بأنّنا نقبل أنّ المراد من التقابل في الضابطة هو التقابل الاصطلاحي ، ولكنّه تقابل بالعرض لا بالذات ، فإنّ مقابل الوجوب ونقيضه بالذات وإن كان هو اللا وجوب ، ولكن لمّا كان الإمكان من مصاديق اللا وجوب فيكون مقابلاً للوجوب ونقيضه بالعرض ، وكذلك الحال في الإمكان ، فإنّ مقابله ونقيضه بالذات هو اللا إمكان ، ولكن لمّا كان الوجوب من مصاديق اللا إمكان فيكون مقابلاً للإمكان ونقيضه بالعرض ، فنحن مرادنا من التقابل هو التقابل الاصطلاحي ولكن الأعمّ ممّا هو بالذات وما هو بالعرض ، وإذا وقع الإمكان طرفاً مقابلاً للوجوب وكذا العكس فيكون كلا طرفي المقابلة من المحمولات الفلسفيّة ، وذلك لوقوع التقابل الاصطلاحي بينهما وشمولهما لكلّ أقسام الموجودات وتعلّق الغرض العلمي بكلّ طرف من أطراف المقابلة ، وأمّا الأحوال الخاصّة فهي إمّا متكثّرة وغير متقابلة بالتقابل الاصطلاحي ، وإمّا لا يترتّب على أحد طرفيها غرض علميّ . وأجاب عن ذلك صدر المتألّهين : بأنّه إذا أُريد من التقابلِ التقابلُ الاصطلاحيُّ الأعمُّ ممّا هو بالذات وما هو بالعرض ، فإنّه يصدق أيضاً على الأحوال الخاصّة كالسواد واللا سواد ، فإنّ اللا سواد أيضاً من مصاديقه الواجب وغير الواجب ممّا هو ليس بأسود ، فيكون التقابل شاملاً لكلّ أقسام الموجودات ، ويتعلّق بكلا الطرفين غرض علميّ ، لأنّ السواد يترتّب على البحث فيه الغرض العلمي ، كما يترتّب أيضاً على مصداق اللا أسود الذي هو الواجب ، فينتقض الضابط بهذا المثال ونظائره . ثمّ قال المصنّف : « إلى غير ذلك من التكلّفات والتعسّفات الباردة » . وعاد المصنّف بعد ذلك وأجاب عن كلّ ما ذكروه من الضوابط بما تبنّاه هو من ضابط المسألة الفلسفيّة ، حيث قال : « وأنت إذا تذكّرت أنّ أقسام الحكمة الإلهية ما يبحث فيها عن العوارض الذاتية للموجود المطلق بما هو