قال الآملي في تعليقته على شرح المنظومة : « وقد عُرِّف المبادئ في المنطق بما يبتني عليه المسائل ، وقُسِّم إلى المبادئ التصوُّرية وهي المفيدة لتصوُّرات أطرافها ، مثل حدود الموضوعات وحدود أجزائها وأعراضها ، والتصديقية وهي المفيدة للتصديقات المأخوذة في دلائلها كمقدّماتٍ بيّنة بنفسها أو مأخوذة على وجه الإذعان ، مبينّة في علم أعلى » [1] . ولكنّ هذا التعريف الذي ذكره الآملي للمبادئ أغفل نقطة مهمة جدّاً ، وهي أنّ المبادئ - أعمّ من كونها تصوّرية أو تصديقية - لا تختصّ بما يبتني عليه مسائل العلم من معرفة حدود موضوعاتها والتصديق بوجودها ، وإنّما لدينا مبادئ لنفس موضوع العلم ومبادئ أخرى لموضوعات مسائله . فالفلسفة - مثلاً - موضوعها « الموجود بما هو موجود » والمبادئ يبحث فيها عن تصوّر ماهيّته ومفهومه والتصديق بوجوده وثبوته في الخارج ، كذلك الحال في موضوعات مسائل العلم ، فإنّك تقول : « الموجود إمّا واجب وإمّا ممكن ، والممكن إمّا جوهر وإمّا عرض » ، و « الإمكان » في هذه الجملة الأخيرة أحد موضوعات المسائل الفلسفية . فالبحث عن المراد من مفهومه وإثبات المقصود من حقيقته من المبادئ التصوّرية ، كما أنّ التماس الدليل على إثبات وجوده في الخارج من المبادئ التصديقية . إذن المبادئ على نحوين : أوّلها : مبادئ موضوع نفس العلم ، الذي هو الموجود بما هو موجود في الفلسفة . وثانيها : مبادئ الموضوعات المختصّة بكلّ مسألة من مسائل العلم ، نظير الوجوب والإمكان والعلّة والمعلول والجوهر والعرض ، وغيرها من الموضوعات المرتبطة بالمسائل الفلسفية .