المترتّبة على محمولات القسم الأوّل من مسائل الفلسفة . ثمّ إنّ البحث في المسائل الثانوية التي تمثّل محمولاتها موضوعات بقيّة العلوم الأخرى إنّما هو بحث في مبادئها التصوّرية والتصديقيّة . فمثلاً : نبحث عن النفس هل هي موجودة أم لا ؟ وإذا كانت موجودة فممّ هي ؟ أمِنَ الجواهر أم من الأعراض ؟ وإذا ثبت أنّها من الجواهر أ مجرّدة هي أم مادّية ؟ فالبحث في وجود النفس إنما هو بحث في المبدأ التصديقي بنحو كان التامّة ، وأمّا البحث في حدود النفس وتعريفها وبيان كيفيّة وجودها ، وأنّها مادّية أو مجرّدة ، حادثة أو قديمة ، فإنّه بحث في المبادئ التصديقيّة للنفس بنحو كان الناقصة ، لأنّه مرتبط ببيان أحكام النفس وحقيقتها بما هي نفس ، فإذا علمنا بوجودها واطّلعنا على حقيقتها يصل المجال إلى علم الأخلاق ، فيبحث عالم الأخلاق في محمولات النفس وعوارضها الذاتية ، ويميّز ما ينبغي لها عمّا لا ينبغي ، لكي ترتقي في مدارج الكمال . وهكذا الكلام في الجسم ، فبعد أن تتعرّض الفلسفة لمبادئه التصوّرية والتصديقيّة يُعطى بيد عالم الطبيعيّات ليبحث في خصائصه الفيزيائية والكيمائيّة والنباتية ونحو ذلك ممّا له علاقة بالمحمولات والعوارض الذاتية للجسم . كذلك الكلام في علمي الفقه والأصول ، فإذا ثبت في الفلسفة أنّ موضوعهما من الموضوعات الحقيقيّة يكون منهج البحث في تحقيق مسائلهما مختلفاً عمّا لو ثبت أنّ موضوعهما من الموضوعات الاعتبارية . إذن هناك مسائل فلسفيّة ثانويّة يُبحث فيها عن المبادئ التصوّرية والتصديقيّة لموضوعات العلوم الأخرى ، وتلك العلوم تبحث عن عوارض الموضوع بالنحو الذي أثبته الفيلسوف في محلّه ، ولهذا سمّيت الفلسفة أُمّ العلوم أو العلم الأعلى ؛ لأنّ باقي العلوم سواء في الحكمة النظرية