تعيش فيه . هذا ما يرتبط بدائرة وسعة وعمق المعلومات التي تملكها الحيوانات عن العالم الخارجي المحيط بها ، فالحيوان لا يعرف من العالم الخارجي إلاّ ظواهر الأشياء بنحو سطحيّ وجزئيّ وفرديّ ، ومعلوماته الضيّقة ترتبط بمحيطه الخاصّ وزمانه الحاضر ، فهو رهين هذه الخصوصيّات التي أشرنا إليها ولا يمكنه أن يخرج عن إطارها ، ولا يفكّر للمستقبل ويعمل له ، فهو مقطوع الصلة عن الماضي والمستقبل . وإذا وجدنا أنّ بعض الحيوانات - أحياناً - على خلاف ما أشرنا إليه ، فإنّه لا يعني بالضرورة أنّ تلك التصرّفات نابعة عن علم وشعور وانتخاب ، بل لعلّه ناشئ من التسخير الإجباري النابع من الغرائز التي ركّبت في وجود هذه الأحياء ، بالنحو الذي يجعلها تقوم بأفعالها المنتظمة من غير علم وشعور وانتخاب ، وإن كان يظهر منها خلاف ذلك . ( ب ) الميول والرغبات التي تحكم غير الإنسان من الموجودات الحيّة ثبت في محلّه من الفلسفة أنّ لكلّ موجود - خصوصاً الموجودات الحيّة - غاية وهدفاً يسعى للوصول إليه ، كما أنّ الذي يحدّد غاية كلّ موجود هو مقدار علمه سعةً وعمقاً ، فإنّ سعة دائرة المعلومات وعمقها تنعكس على الأهداف والميول التي يريد الموجود تحقيقها والوصول إليها ، سواء كان مدركاً وملتفتاً إليها أم كان غافلاً عنها . من هنا ننطلق للتعرّف على الغايات والأهداف والميول التي تحرِّك الموجودات الحيّة غير الإنسان والتي تسعى لتحقيقها والوصول إليها ، وحيث إنّنا ذكرنا أنّ دائرة معلوماتها ضيّقة وسطحيّة ، فإنّ ذلك ينعكس على ميولها وغاياتها وأهدافها التي ترسمها لنفسها وتسعى لتحقيقها في هذه الحياة .