وهذا الفنُّ من الحكمة هو المطلوبُ لسيّدِ الرّسلِ المسؤولِ في دعائِه « صلى الله عليه وآله » إلى ربه حيث قال : « رب أرنا الأشياء كما هي » . وللخليلِ « عليه السلام » أيضاً حين سألَ * ( ربِّ هبْ لي حكماً ) * والحكمُ هو التصديقُ بوجودِ الأشياء المستلزمِ لتصوّرِها أيضاً . وأمّا العمليةُ : فثمرتُها مباشرةُ عملِ الخيرِ لتحصيلِ الهيئةِ الاستعلائيةِ للنفسِ على البدنِ ، والهيئةِ الانقياديةِ الانقهاريةِ للبدنِ من النفسِ . وإلى هذا الفنّ أشار بقوله « عليه السلام » : « تخلّقوا بأخلاقِ الله » . واستدعى الخليل « عليه السلام » في قولِه : * ( وألحقْني بالصالحين ) * . وإلى فنَّى الحكمة كليهما أُشير في الصحيفةِ الإلهية : * ( ولقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم ) * وهي صورتُه التي هي طرازُ عالمِ الأمر . * ( ثم رددناه أسفل سافلين ) * وهي مادّتُه التي هي من الأجسامِ المظلمةِ الكثيفة . * ( إلا الذين آمنوا ) * إشارةٌ إلى غايةِ الحكمةِ النظرية * ( وعملوا الصالحات ) * إشارةٌ إلى تمامِ الحكمةِ العمليةِ . وللإشعارِ بأنّ المعتبَر من كمالِ القوّةِ العمليةِ ما به نظامُ المعاشِ ونجاةُ المعادِ ، ومن النظريةِ العلمُ بأحوالِ المبدأِ والمعادِ والتدبّرِ فيما بينَهما من حقّ النظرِ والاعتبارِ ، قال أمير المؤمنين « عليه السلام » : « رحم الله امرأً أعد لنفسه ، واستعد لرمسه ، وعلم من أين وفي أين والى أين » . والى ذَينك الفَنّين رمزتِ الفلاسفةُ الإلهيّون ، حيث قالوا تأسّياً بالأنبياء « عليهم السلام » : الفلسفةُ هي التشبّهُ بالإله كما وقع في الحديث النبوي : « تخلقوا باخلاق الله » . يعنى في الإحاطةِ بالمعلوماتِ والتجرّدِ عن الجسمانيات .