وسمّيته بالحكمة المتعالية [1] في الأسفار العقلية » [2] . وقد كان الهدف السامي من جميع أبحاثه في الحكمة المتعالية هو إعطاء رؤية كونية إلهية كاملة منسجمة عن « العالم ، الله ، الإنسان » قائمة على أساس القرآن والبرهان والعرفان . والذي نراه في المقام هو أنّه ( كان أكثر الفلاسفة توفيقاً ونجاحاً في عملية التطبيق ما بين القواعد العقلية والمعطيات الدينية ، فجاءت رؤيته الكونية في المجالات التي خاض الحديث فيها قريبة جدّاً بل متطابقة في كثير من الأحيان مع الأصول الأساسية للدين الإسلامي ، ويرجع السبب في هذا النجاح إلى تنوّع المصادر والمنابع التي اعتمدها صدر المتألّهين لاكتشاف تلك الرؤية [3] .
[1] إنّ أوّل من استعمل اصطلاح « الحكمة المتعالية » هو الشيخ الرئيس ابن سينا في إشاراته ، حيث يقول : « ثمّ إنّ كان ما يلوحه ضرب من النظر مستوراً إلاّ على الراسخين في الحكمة المتعالية » . انظر : الإشارات والتنبيهات ، مصدر سابق : ج 3 ص 401 . والحكمة المتعالية تقع في قبال حكمة المشّاء ، التي هي حكمة بحثيّة صرفة ، تعتمد العقل لا غير ، وفي قبال حكمة الإشراق التي لم تُوفّق في المقام الثاني الإثباتي في إعطاء رؤية كونية إلهية كاملة ، وإن كانت موفّقة في المقام الأوّل ، حيث اعتمدت العقل والنقل والشهود في الوصول إلى الحقائق ، وهذا ما فعلته مدرسة الحكمة المتعالية أيضاً ، إلاّ أنّ حكمة الإشراق لم تُوفّق في المقام الثاني كما وفّقت مدرسة الحكمة المتعالية . [2] الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة ، مصدر سابق : ج 1 ص 13 . [3] انظر : دروس في الحكمة المتعالية ، مصدر سابق : ج 1 ص 112 .