وثالثاً ، وهو أقلّ الجمع ؛ نظراً لقوله « وفيه مسالك » ، كما أنّك لن تجد تصريحاً فيما بعد بالسفر الثاني بعدما صرّح بالسفر الأوّل ، وهكذا . ومن الجدير بالذكر أنّ المصنّف ( يذكر لنا في كتاب آخر له عبارة تُوحي بأنّ كتاب الأسفار الأربعة هو عبارة عن كتابين لا كتاب واحد ، حيث يقول في شواهده الربوبيّة : « واعلم أنّ لهذه المسألة على هذا الوجه الذي أدركه الراسخون في الحكمة مدخلاً عظيماً في تحقيق المعادين الجسماني والروحاني وكثير من المقاصد الإيمانية ، ولهذا بسطنا القول فيها في الأسفار الأربعة بسطاً كثيراً ، ثمّ في الحكمة المتعالية بسطاً متوسطاً واقتصرنا هاهنا على هذا القدر ؛ إذ فيه كفاية للمستبصر » [1] وهذا يعني أنّ هنالك كتاباً مبسوطاً وهو كتاب الأسفار الأربعة وكتاباً وسيطاً وهو الحكمة المتعالية وكتاباً مختصراً وهو الشواهد الربوبية . وعليه فإن صحّ ذلك فإنّه سوف يُفسّر لنا ذلك الخلط الواقع بين أبحاث كتاب الأسفار الأربعة الموجود بين أيدينا المكوّن من تسعة أجزاء ، ولا يخفى أنّ التحقيق في ذلك موكول إلى محلّه . وعلى أيّ حال ، فما نُريد قوله هو أنّ القول والالتزام بكون كتاب « الأسفار الأربعة » قد رُتّب بإزاء ما عليه سير العرفاء في أسفارهم العملية هو قول فيه تكلّف واضح لا موجب له ، ولعلّ هنالك جملة من الأسباب قد أدّت إلى عدم انتظام أبحاث هذا الكتاب ، نشير إلى بعضها : منها : أنّ ترتيب هذا الكتاب الموجود بين أيدينا هو من تنظيم تلامذة المصنّف ( .
[1] الشواهد الربوبية في المناهج السلوكية ، لصدر الدين محمد الشيرازي ، مصدر سابق : ص 158 .