والأنانيّة ، ولذلك بعقيدة أهل السلوك لا بدّ للسالك من معلّم يرشده إلى طريق السلوك ، عارفاً كيفيّاته ، غير مُعوجّ عن طريق الرياضات الشرعية » [1] . وعليه فإذا وجدنا عند سالك ظهور مثل تلك الشطحيات ، فهذا دليل على أنّه لم يُفنَ فناءً كاملاً ، حيث بقي من إنيّته شئ نازعه فأظهر معنى الربوبية فيه ، وكلّ ذلك سببه الرئيسي هو بطلان جملة من رياضاته ، التي هي إمّا أن لا تكون شرعية ، أو أنّها شرعية ولكنّه أخذها من شخص غير عارف بإستعداداته فأوجد في نفسه الخلل والانحراف ، وإلاّ فإنّ جميع الأنبياء « عليهم السلام » قد قطعوا هذه المراحل وعلى أكمل وجه ، ولم تصدر من أيّ واحد منهم مثل هذه الشطحات ، وكذا الحال بالنسبة للأوصياء « عليهم السلام » ، وكلّ من وصل إلى مرتبة الإنسان الكامل ، وذلك لأنّهم قد سلكوا سلوكاً صحيحاً وإرتاضوا بالرياضات الشرعية الصحيحة . وينبغي أن يعلم السالك بأنه لا يحتاج في سلوكه إلى رياضات خارجة عن الرياضات والموازين الشرعية ، لأنّه ما من شئ يُقرّبنا إلى الله تعالى إلاّ وبيّنته الشريعة المقدّسة وأمرت به وحثّت عليه ، وما من شئ يُبعّد عن الله تعالى إلاّ وبيّنته الشريعة ونهت عنه . وقد أشار إلى هذا المعنى السيّد الطباطبائي في « رسالة الولاية » [2] ، وهذا يعني أنّ الالتزام بالشريعة المقدّسة بقدر ما هو عملية وقائية وحصن حصين يمنع من الوقوع في المهالك والزلل ، فهو أيضاً الوسيلة المُثلى للوصول في السير والسلوك إلى الله تعالى .
[1] مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية ، مصدر سابق : ص 88 . [2] رسالة الولاية مطبوع ضمن كتاب « طريق عرفان » ، مصدر سابق : ص 165 .