ولا شكّ أنّ تلك القوى الثلاث التي تطلب إشباعها من حلال أو حرام تكون مُوجِدة للطباع السيئة في النفس ، فتكون الرياضة ضرباً من الخروج عن طباع [1] النفس ، و « بالجملة فهي عبارة عن تهذيب الأخلاق النفسية » [2] . و « الرياضة تمرين النفس على قبول الصدق » [3] ، بمعنى أن يُعوّد نفسه الصدق في كلّ حركاته وسكناته وقوله وفعله ، ومنها إخلاصه النيّة لوجه الله تعالى . وبناءً على ما ذكره السيد الخميني من أنّ السبب الكامن وراء وقوع بعض السُّلاّك في الشطح ، هو النقص في نفس السالك وسلوكه ، وسلوكه هو عين رياضته التهذيبية ، تكون مناشئ ذلك النقص في سيره وسلوكه هو ممارساته وقيامه بأعمال ورياضات غير شرعية ، وهذا خلاف ما ينبغي للسالك السير عليه والالتزام به ، فإنّ الشريعة رياضة النفس [4] . من هنا تتجلّى لنا أهمّية شرعيّة الرياضات التي يقوم بها السالك للسير من الخلق إلى الحقّ ، فلا شكّ أنّ هذه الرياضات إذا كانت شرعيّة ومأموراً بها في القرآن وسنّة المعصوم فإنّها تكون خالية عن مثل تلك الشطحات ، ولو كانت جملة من أعماله ورياضاته غير منسجمة مع الموازين الشرعية فإنّه من الطبيعي أن تصدر عن مرتاض كهذا بعض الشطحات .
[1] الطباع مفردها طبع ، وهو معنى يُرادف العادة أحياناً ، عن أمير المؤمنين علي « عليه السلام » : العادة طبع ثان . غرر الحكم ودرر الكلم : 702 - ولا ريب أنّ تغيّر العادة أمر صعب جدّاً ، ولذا جاء في الحديث : أفضل العبادة غلبة العادة . غرر الحكم : 2873 - . واعلم أنّ للرياضة آفة تقطع الطريق أمام العابرين والسائرين وهي غلبة العادة ، عن أمير المؤمنين « عليه السلام » : آفة الرياضة غلبة العادة . غرر الحكم : 7327 . [2] انظر : رسائل ابن عربي ، مصدر سابق : ص 411 . [3] منازل السائرين ، مصدر سابق : 88 . [4] انظر : غرر الحكم ودرر الكلم ، مصدر سابق : 543 .