وهذا هو مقتضى الحكمة ، ناهيك عن كون كتمان السرّ هو من أوجب الشروط التي اشترطها العُرفاء في السير والسلوك ، وأنّ الإفشاء بها مخلّ بالهدف ومانع عن تحقيق المطلوب [1] . وممّا يُنسب إلى أمير المؤمنين علي « عليه السلام » في هذا المجال قوله لميثم التمّار رضي الله عنه : وفي الصدر لبانات إذا ضاق بها صدري نكتّ الأرض بالكفّ وأبديت لها سرّي فمهما تنبتُ الأرض فذاك النبتُ من بذري [2] وفي رواية عن جابر بن يزيد الجعفي أنّه قال : « إنّ أبا جعفر « عليه السلام » قال لي سبعين حديثاً ، فلمّا رحل عن الدنيا ضاق صدري ، وصعب عليّ كتمان تلك الأحاديث ، فذهبتُ إلى أبي عبد الله « عليه السلام » ، فعرضت هذه الحالة ، فقال لي أن أذهب إلى الصحراء ، وأحفر الأرض ، وأضع رأسي في الحفرة ، وأقول : إنّ محمداً بن علي الباقر « عليه السلام » قال لي : كيت وكيت ، وأدفن الحفرة » [3] . والسؤال المطروح في المقام هو : هل يكون السالك في حالة صدور مثل هذه الشطحات منه هل يكون معذوراً ؟ في مقام الجواب بحثان : الأوّل : بحث فقهيّ خارج عن محلّ الكلام ، ولكن مع ذلك يمكن القول بأنّ من يتكلّم بتلك الألفاظ وغيرها - من الشطحات - غير ملتفت إلى ما
[1] انظر : رسالة في السير والسلوك لآية الله السيد محمد مهدي بحر العلوم ، مطبوع في ذيل كتاب : تذكرة المتقين في السير والسلوك إلى الله ، الناشر : مدين ، 1425 ه ، قم : ص 356 . [2] بحار الأنوار ، مصدر سابق : ج 40 ص 200 . [3] رسالة في السير والسلوك ، لآية الله السيد محمد مهدي بحر العلوم ، مصدر سابق : ص 357 .