والانقطاع عن الغير . . . » [1] فيغيب وجوده الظلّي في وجود الحقّ تعالى من خلال المعاينة والشهود . وفي هذه المراتب الثلاث يقول السيد الطباطبائي ( : « فأوّل ما يفنى منهم الأفعال ، وأقلّ ذلك - على ما ذكره بعض العلماء - ستة : الموت والحياة والمرض والصحّة والفقر والغنى ، فيُشاهدون ذلك من الحقّ سبحانه كمن يرى حركة ولا يُشاهد مُحرّكها وهو يعلم به ، فيقوم الحقّ سبحانه في مقام أفعالهم ، فكأنّ فعلهم فعله سبحانه . . . ثُمّ يفنى منهم الأوصاف وأُصولها - على ما يظهر من أخبار أهل البيت « عليهم السلام » - خمسة : الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر ، وقام الحقّ سبحانه في ذلك مقامهم . . . ثمّ يفنى الذات ، وينمحي الاسم والرسم ، ويقوم الحقّ سبحانه مقامهم » [2] . ثم إنّه لتلك المراتب الثلاث اصطلاحاتها الخاصّة عند العرفاء ، حيث يُطلقون على فناء أفعال العبد في فعل الحقّ تعالى بالمحو ، ويُطلقون على فناء صفاته في صفته تعالى بالطمس ، وعلى فناء وجوده في وجوده تعالى بالمحق [3] . وعلى أيّ حال ، فإنّ خلاصة ما يقوله هؤلاء الأعلام في الأسفار الأربعة - العملية - وفي السلوك العملي هو أنّ السالك إلى الله تعالى في هذا السفر الأوّل لا بدّ أن يصل إلى حالة ومرتبة لا يرى فيها إلاّ الله سبحانه وتعالى ، فلا يرى الكثرة أبداً ، وإنّما هي الوحدة لا غير ، ولا يوجد في الدار غيره تعالى ديّار .
[1] المظاهر الرحمانية ، رسائل الإمام الخميني العرفانية ، مؤسّسة تنظيم ونشر تُراث الإمام الخميني ( ، الطبعة الأولى ، 1995 م : ص 41 . [2] رسالة الولاية ، مطبوع ضمن كتاب « طريق عرفان » ترجمة وشرح رسالة الولاية ، للعلامة محمّد حسين الطباطبائي ، نشر بخشايش ، الطبعة الرابعة ، 1382 ش ، قم : ص 215 - 218 . [3] انظر : تعليقة الحكيم السبزواري على الحكمة المتعالية ، مصدر سابق : ج 1 ص 21 .