ومن هنا كان هذا الكتاب ولا زال منذ تأليفه إلى يومنا الحاضر هو المصدر الأساس والمنهج الأوّل لتدريس الفلسفة في الحوزات العلمية والمحافل الدينية ، وقد تصدّى الحكماء والفلاسفة بعد صدر المتألهين إلى إيضاحه وشرحه والتعليق عليه وتدريسه ومدارسته , فقد قام بالتعليق على هذا الكتاب وشرحه أمثال الحكيم السبزواري والعلاّمة النوري والهيدجي والعلاّمة الطباطبائي وغيرهم ، ويُعتبر كتاب الأسفار في زماننا من أهمّ المتون المعتمدة للدراسات العليا في قسم الفلسفة . وقد كان أستاذنا العلاّمة السيد كمال الحيدري من أبرز الأساتذة الذين تصدّوا لتدريس كتاب الأسفار ، ولا شكّ أن سيّدنا الأستاذ من جملة أولئك العلماء الذين وقفوا على حقائق هذا الكتاب واستطاعوا فكّ رموزه والوقوف على عمق ما جاء فيه من المطالب ، وشعوراً منه - حفظه الله - بالمسؤولية قام بتدريس هذا الكتاب وبيان مطالبه لجمع من طلبة العلوم الدينية في قم المقدّسة ، ومن أعظم نعم الله تعالى عليّ أن وفّقني لحضور مجلس الدرس والارتشاف من منهله العذب ونبعه الصافي . وبعد التوكّل على الله تعالى اقترحت على أستاذنا تقرير دروسه في شرح الأسفار وتدوينها في كتاب ليكون في متناول القرّاء الذين لم يتيسّر لهم الحضور والمشاركة في الدرس ، فبادرني الأستاذ بالمباركة والتشجيع ، فعكفت مستعيناً بالله تعالى على إتمامه ، وهذا الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ من ثمرات ذلك الجهد ، وأسأل الله أن يعينني على إكمال بقيّة المطالب المرتبطة بشرح الأسفار في أجزائه الأخرى .