وقال أيضاً : * ( يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ) * [1] . والحاصل : إنّ الأسفار الأربعة تعني الارتقاء في درجات الوجود إلى أن يصل السالك إلى غايته المنشودة ، ومن الواضح أنّ كلّ مسافر يحتاج في سفره إلى الزاد والراحلة وغيرهما من لوازم السفر ، وهناك آيات وروايات كثيرة - يرجع إليها في مظانّها - قد بيّنت لنا طبيعة الزاد الذي لا بدّ أن يتزوّد به السالك إلى الله تعالى ، وعرّفتها براحلة السفر ، وحدّدت الآداب والرسوم والاعتقادات والرياضات الشرعيّة التي ينبغي مراعاتها والسير على وفقها أثناء هذا السير والسفر المعنوي نحو الحقّ تبارك وتعالى ، وذلك من قبيل قوله تعالى : * ( وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ) * [2] . ومن قبيل قول الإمام العسكري « عليه السلام » : « إنّ الوصول إلى الله عزّ وجلّ سفر لا يدرك إلاّ بامتطاء الليل » [3] . فخير الزاد في هذا السفر التقوى ، وأفضل راحلة امتطاء الليل وقيامه بالصلاة والذِّكر والدُّعاء . إذا اتّضحت هذه المقدّمة ، نحاول الولوج في بيان الأسفار العمليّة الأربعة التي ذكرها العرفاء ، وهي كالتالي :
[1] الانشقاق : 6 . [2] البقرة : 197 . [3] بحار الأنوار ، مصدر سابق : ج 1 ص 97 .