و « الإنسان » قائمة على أساس القرآن والعرفان والبرهان ، وهل كان أوفر حظّاً من الاتّجاهات التي سبقته في هذا المجال ؟ هذا على صعيد المقام الأوّل . أمّا على مستوى المقام الثاني : هل استطاع تحقيق هذه الأمنية الإنسانية المتمثّلة ببناء صرح عقليّ برهانيّ يكون قادراً على تفسير الوجود وأسراره - بكلّ ما تعنيه هذه المقولة - ولم يخفق في ذلك ؟ في الإجابة عن التساؤل الأوّل يمكن أن يقال : إنّ الشيرازي كان أكثر الفلاسفة توفيقاً ونجاحاً في عملية التطبيق ما بين القواعد العقلية والمعطيات الدينية ، فجاءت رؤيته الكونية في المجالات التي خاض الحديث فيها قريبة جدّاً بل متطابقة في كثير من الأحيان مع الأصول الأساسية للدين الإسلامي . ويرجع السبب في هذا النجاح إلى تنوّع المصادر والمنابع التي اعتمدها صدر المتألّهين لاكتشاف تلك الرؤية . وفيما يلي نحاول الوقوف على بعض المجالات التي حقّق فيها الشيرازي ذلك النجاح : الأوّل : موقفه من الأُسس الأوّلية لتفسير نظام الوجود ، فقد وافقت أصوله في ذلك المعطيات الدينية الواردة في هذا المجال ، إذ نجد أنّ المستفاد من ظواهر الشريعة الحقّة يُقرّ تلك الأصول ويركّز عليها . الثاني : موقفه في الإلهيات بالمعنى الأخصّ ، وهنا تتجلّى المشابهة التامّة بين الفلسفة الصدرائية وتعاليم الشريعة الحقّة ، إلاّ في المواضع التي قصرت الفلسفة عن تناول أسرار المعطيات الدينية . الثالث : حقّق نجاحاً كبيراً في كثير من المسائل المتعلّقة بالمعاد . الرابع : موقفه فيما يرتبط ب - « علم النفس الفلسفي » وهو موقف فعّال ناجح إلى حدّ كبير .