ومثلك مَن يتعرّض لهذه الخطّة الشريفة والمرتبة العظيمة الرفيعة » [1] . 1 - مزايا المدرسة مما تقدّم من كلام هذين العَلَمين يتبيّن أنّ الطريق والمنهج الصحيح لمعرفة الله تعالى ومشاهدته ، والوقوف على حقائق هذا العالم - على ما هي عليه - ينحصر في هذا الطريق القلبي والمجاهدة والرياضة المعنوية . ولكن يبقى هذا التساؤل : لماذا عدل هؤلاء عن المنهج العقلي المشّائي ، أو النصّي ( الكلامي ) لاكتساب المعارف والحقائق والوقوف عليها ؟ يمكن أن يقال بالاستناد إلى ما جاء في كلمات أصحاب هذه المدرسة ، إنّ هذا العدول كان لسببين : الأوّل : أنّ تلك الطرق لا تفيد النفس شيئاً تستريح إليه وتسكن له ; لأنّ احتمال الخطأ والاشتباه قائم على أيّ حال ؛ يقول ابن عربي : « واعلم أنّ أهل الأفكار إذا بلغوا فيها الغاية القصوى أدّاهم فكرهم إلى حال المقلِّد المصمّم ، فإنّ الأمر أعظم من أن يقف فيه الفكر ، فما دام الفكر موجوداً ، فمن المحال أن يطمئنّ ويسكن ، فللعقول حدّ تقف عنده من حيث قوّتها في التصرّف الفكري ، فإذن ينبغي للعاقل أن يتعرّض لنفحات الجود ولا يبقى مأسوراً في قيد نظره وكسبه ، فإنّه على شبهة في ذلك » [2] . ويقول السيّد حيدر الآملي : « والغرض أنّ العلوم الرسمية الحاصلة عن النظر والفكر ليست خالية من الشكوك والشبهة والخطأ والزلل » [3] . الثاني : لو غضضنا النظر عن الإشكال الأوّل ، فإنّ غاية ما يقال في تلك
[1] جامع الأسرار ، حيدر الأملي ، مصدر سابق : ص 491 . [2] المصدر نفسه . [3] المصدر نفسه : ص 492 .