3 - المناقشة والتقويم بقي الكلام في حدود نجاح الفلسفة المشّائية في مجال التطبيق ، فهل استطاعت هذه الفلسفة التي نضجت واكتملت في بيئة الفكر الإسلامي ، أن توفَّق لهذا التطبيق الذي كانت تسعى إليه أم أخفقت في هذا المجال ، ولم تستطع بناء صرح فلسفيّ يكون قادراً على إثبات المعطيات الدينية الأساسية من خلال القواعد العقلية والموازين المنطقية ؟ يمكن القول : بأنّ المدرسة المشّائية لم يحالفها التوفيق كثيراً في هذا المجال ، خصوصاً في البحوث المرتبطة بعلم النفس الفلسفي وعلم المعاد ، وكذلك ما يرتبط بالنشآت الوجودية التي سبقت عالمنا المشهود ، وغيرها من المسائل الأساسية الكثيرة التي أخفقت في تحقيقها فلسفياً وعقلياً ، وهذا على عكس ما سنجده في مدرسة الحكمة المتعالية لصدر الدين الشيرازي ، حيث كانت موفّقة إلى حدّ كبير في التأسيس لأصول عقلية كانت لها القدرة الكافية على تبيين المعطيات الدينية وإثباتها من خلال القواعد العقلية المتقنة . ولكن يبقى السؤال : لماذا لم توفَّق أصول الفلسفة المشّائية لذلك ؟ وما هو السبب الرئيسي الذي أدّى بها إلى هذا الإخفاق ؟ في مقام الإجابة يمكن القول إجمالاً : إنّ هذه الخيبة يمكن أن ترجع لعدّة أمور ، يرتبط أهمّها بالمقولات الفلسفية والقواعد العقلية التي أسّسوها وافترضوا أنّ معطياتها ضرورية كالنصوص السماوية معصومة عن الخطأ ، ولا تقبل النقد والتمحيص ، ومن خلال ذلك أخذوا يفكّرون في المعطيات الدينية محاولين تطبيقها على قواعدهم الفلسفية التي انتهوا إليها ، ووقعوا في ورطة تأويل النصوص الدينية بما ينسجم مع النتائج العقلية . وبتعبير آخر : إنّ هؤلاء الفلاسفة افترضوا أنّ معطيات العقل غنيّة عن