القسم الثاني : أن يختلف ما فيه التقدّم عمّا به التقدّم ، أي أنّ المتقدّم والمتأخّر شئ وملاك التقدّم والتأخّر شئ آخر ، كتقدّم الإنسان الذي هو الأب على الإنسان الذي هو الابن ، فإنّ ما فيه التقدّم والتأخّر فيهما هو الزمان ، أو الوجود - بناءً على أنّ وجود الأب علّة مُعدّة لوجود الابن - ولكن ما به التقدّم والتأخّر شئ آخر وهو الأبوّة والبنوّة . كذلك الحال في الأجسام ، فإنّ تقدّم بعضها على البعض ليس بنفس جسميّتها ، وإنّما بأمر خارج عنها وهو الوجود ، فالوجود هو الملاك في تقدّم بعض الأجسام وتأخّر بعضها الآخر ، وهكذا الحال في العلّة والمعلول ، فإنّ العلّة متقدّمة على المعلول بوجودها ، وليس ملاك التقدّم والتأخّر مفهوم العلّية أو ماهيّة العلّة ، فما فيه التقدّم والتأخّر هو الوجود ، وما به التقدّم والتأخّر هي العلّية والمعلوليّة . والتقدّم والتأخّر والكمال والنقص والقوّة والضعف في الوجودات بنفس هويّاتها ، لا بأمر آخر ، فهو من قبيل القسم الأوّل ، كتقدّم أجزاء الزمان بعضها على البعض ، أي يكون ما فيه التقدّم وما به التقدّم شيئاً واحداً . وأمّا التقدّم والتأخّر في الأشياء والماهيّات ، فهو بنفس وجوداتها لا بأنفسها ، فتكون من قبيل القسم الثاني ، أي أنّ ما فيه التقدّم غير ما به التقدّم . والحاصل : إنّ الوجود بحسب المفهوم أمرٌ عامّ ومشترك معنوي ، يحمل على الموجودات الخارجيّة بالتفاوت والتشكيك لا بالتواطؤ . أضواء على النصّ 1 - قوله « قدس سره » : ( فهو قريب من الأوّليات ) . أي من الوجدانيّات الواضحة ، والتي يدركها الحسّ الباطن بنحو يجعلها قريبة من الأوّليات ، والأوّليات أعلى درجة في البداهة من سائر البديهيّات ،