ومثال ذلك : أنّ الوجود يصدق على الأب والابن معاً ، ولكن صدقه على الأب مقدَّم على صدقه على الابن ، فهنا جهة الاتّفاق والاشتراك هي الوجود ، ولكن جهة الاختلاف والافتراق هي الزمان ، حيث إنّ زمان وجود الأب مقدّم على زمان وجود الابن ، فما به الامتياز هو الزمان ، وما به الاشتراك هو الوجود . ومن أمثلة ذلك أيضاً : الماهيّات المشتركة ببعض الذات والمتمايزة ببعضها الآخر ، كالإنسان والبقر والغنم والطائر ونحوها ، فما به الاتّفاق فيها هو الجزء المشترك وهو الحيوان ، وما به الامتياز هو الجزء المختصّ وهي الفصول ، فما به الاشتراك غير ما به الامتياز ، وهذا هو الذي يُعبّر عنه بالتشكيك العامّي ، وسمّي بذلك لأنّ هذا النوع من الاشتراك والامتياز هو المألوف في أذهان عامّة الناس ، وهو في الواقع ليس تشكيكاً حقيقيّاً ، فهو متواطي بحسب الموازين الفلسفيّة ، وإن كان مشكّكاً بحسب نظر العرف وعامّة الناس . وهذا النحو من التشكيك خارج عن محلّ البحث في هذا الفصل . القسم الثاني : التشكيك الخاصّي وهو التشكيك الذي تكون فيه جهة الكثرة والاختلاف عين الوحدة والاشتراك ، أي أنّ ما به التمايز والاختلاف ذات ما به الاتّفاق والاشتراك ، ويعبّر عنه أيضاً بأنّ ما به الكثرة والامتياز يعود إلى ما به الوحدة والاشتراك . ولكي يتّضح هذا النحو من التشكيك نذكر له مثالاً عرفيّاً ، وآخر عقليّاً : أمّا المثال العرفي ; فهو النور الحسّي ، حيث نجد أنّ النور الشديد والنور الضعيف يختلف أحدهما عن الآخر بشدّة الأوّل وضعف الثاني ، ولكن هذا لا يعني أنّ الشدّة في الشديد أو الضعف في الضعيف شئ آخر غير النور ، بل