مشترك غير مقتصر على وجود واحد ، بل على كلّ وجود ، فلو كان مفهوم الوجود مختلفاً كان يحتاج إلى أن يُبرهن على كلّ واحد من وجودات الماهيّات أنّه غير مشترك ، وليس كذلك ، فإنّ الخصم يعترف بأنّ حجّته على أنّ الوجود غير مشترك يتناول كلّ وجود ، فإذاً الوجود مشترك » [1] . ولكن يمكن أن يُجاب عن هذه الحجّة : بأنّها إنّما تتمّ بناءً على الموجبة المعدولة المحمول ، حيث يُشترط فيها وجود الموضوع ، فيصحّ ما ذكروه من أنّ هذا الموضوع مشترك المعنى بين مصاديقه ، وأمّا إذا قلنا بأنّ القضيّة في المقام سالبة محصّلة ، فإنّها تنسجم مع السالبة بانتفاء الموضوع ، ولا يشترط فيها وجود الموضوع ، كي يُقال : بأنّه مشترك معنوي بين مصاديقه . وهذا ما أجاب به المحقّق الإيجي في المواقف ، حيث قال : « والجواب : أنّا نأخذها - أي الدعوة - سالبة لا موجبة معدولة ، فنقول : لا يوجد معنى مشترك فيه بينها يسمّى الوجود ، وذلك لا يقتضي وجوداً مشتركاً بينها ، بل يكفيها تصوّر وجود كذلك ، وهذا كما يُقال : لا يوجد شخص مشترك فيه بين اثنين ، فإنّه لا يقتضي شخصاً مشتركاً بينهما لاستحالته ، بل يقتضي تصوّره ، وتحقيقه أنّ السالبة لا تقتضي وجود الموضوع ، بل تصوّره فقط » [2] . الدليل الثالث : انقسام الوجود إلى رابط ومستقلّ إنّ هذا الدليل يعتمد على مقدّمتين أساسيّتين : المقدّمة الأولى : وهي عبارة عن أصل موضوعي سيأتي إثباته في الأبحاث اللاحقة ، وهو أنّ الوجود ينقسم إلى الوجود في نفسه والوجود في غيره ، أو ما يُعبّر عنه بالوجود المستقلّ والوجود الرابط ، والأوّل هو الوجود المحمولي
[1] المباحث المشرقيّة ، الفخر الرازي ، مصدر سابق : ج 1 ص 111 . [2] المواقف ، عضد الدِّين الإيجي ، دار الجيل ، بيروت : ج 1 ص 238