الموضوع في العلم الحقيقي الواحد ، وهو غير معقول كما تقدّم . فالبحث عن ثبوت موضوعات العلوم مسألة فلسفيّة ، ولكن يمكن أن تُنقل إلى مقدّمة علم الرياضيّات أو الطبيعيّات ، فتكون من المبادئ التصديقيّة لذلك العلم . التنبيه الخامس : إشكالٌ وجواب ذكرنا في البحوث السابقة أنّ بعض الأعلام قد أنكر الكبرى القائلة بأنّ لكلّ علم موضوعاً تدور حوله مسائل ذلك العلم ، والسيّد الخوئي « قدس سره » من أُولئك الأعلام الذين أنكروا تلك الكبرى ، وقد أوردنا بعض عباراته في هذا المجال . وقلنا أيضاً : إنّ ما ذكره الأعلام من نقوض وإشكالات على القاعدة ، إنّما يتمّ في العلوم الاعتبارية ، وأمّا العلوم الحقيقيّة والبرهانية فالدليل قائم على ضرورة وجود الموضوع لكلّ واحد منها . فالسيّد الخوئي « قدس سره » مثلاً ذكر جملة من النقوض على القاعدة بقوله : « إنّ المحمولات التي تترتّب على مسائل علم الفقه بأجمعها وعدّة من محمولات مسائل علم الأصول من الأمور الاعتباريّة ، التي لا واقع لها عدا اعتبار من بيده الاعتبار . . . فلا يكاد يعقل أن يكشف عن جامع واحد مقوليّ بينها ، ليقال : إنّ ذلك الجامع الواحد يكشف عن جامع كذلك بين موضوعاتها بقاعدة السنخية والتطابق ؛ ضرورة أنّه كما لا يعقل وجود جامع مقوليّ بين الأمر الاعتباري والأمر التكويني ؛ كذلك لا يعقل وجوده بين أمرين اعتباريّين أو أمور اعتباريّة » [1] . وإشكاله على القاعدة مختصّ - كما هو واضح - بالعلوم الاعتبارية ، ولا
[1] محاضرات في أصول الفقه ، تقريرات الشيخ الفيّاض ، مصدر سابق : ج 1 ص 18 - 19 .