الاعتباريّة . فالعلوم الحقيقيّة لا بدّ لها من موضوع واحد جامع بين موضوعات مسائلها ، دون العلوم الاعتبارية . وقد صرّح بهذا القول جملة من الحكماء وعلماء الأصول ، وسيأتي التعرّض لأقوالهم لاحقاً . ولكي يتّضح ما هو الصحيح من الأقوال في المسألة ، لا بدّ من التعرّف على النقاط التالية : 1 . ما هي ضابطة الأعراض الذاتية للموضوع ؟ ذكرنا سابقاً - بنحو التفصيل - أنّ الملاك في العرض الذاتي : هو أن يكون منتزعاً ومستخرجاً من ذات الموضوع ومحمولاً عليه ، من دون أن يتخصّص الموضوع بقيد يكون هو الواسطة في عروض المحمول عليه ، سواء كان المحمول أخصّ أو أعمّ أو مساوياً للموضوع ، وسواء كان محتاجاً إلى الواسطة في الإثبات [1] أو كان مستغنياً عنها . وأمّا العرض الغريب : فهو الذي يحتاج في حمله على الموضوع إلى واسطة في العروض [2] ، تكون تلك الواسطة سبباً في تضييق دائرة الموضوع وتخصيصه بحصّة خاصّة في رتبة سابقة على عروض المحمول ، وذلك من قبيل عروض
[1] الواسطة في الإثبات : هي التي تتعلّق بعالم التصديق والمعرفة ولا علاقة لها بعالم الخارج والثبوت ، فإذا كان شئ سبباً لمعرفة شئ آخر فهو واسطة في الإثبات ، بأن يجعل ما هو بيّن وواضح في الذهن واسطة لمعرفة ما هو أخفى ، من قبيل ما هو مذكور في الملازمات العامّة ، والواسطة في المعرفة والعلم لا تخرج المحمول عن كونه عرضاً ذاتيّاً . [2] الواسطة في العروض : هي التي تكون سبباً لعروض المحمول على الموضوع خارجاً ، فإنّها ما لم تنضمّ إلى الموضوع ، لا يمكن عروض المحمول عليه ، وهو ما يصطلح عليه بالحيثيّة التقييديّة ، وذلك لأنّ الموضوع إذا تخصّص وتقيّد بالواسطة يكون صالحاً لعروض المحمول ، والمحمول في هذه الحالة يسمّى عرضاً غريباً .