ولكي تتّضح هذه القاعدة الفلسفيّة ، لا بدّ من الوقوف بنحو الاختصار عند كلّ مفردة من مفرداتها ، فما هو المراد من الحدّ ؟ وما هو المراد من البرهان ؟ وما هو المراد من الحدود المشتركة ؟ وماذا يُقصد بالاشتراك في الحدود ؟ ما هو المراد من الحدّ في القاعدة ؟ يمكن الإجابة عن هذا التساؤل من لحاظين : الأوّل : ليس المراد من الحدّ في قولهم « ما لا حدَّ له » خصوص التعريف بالحدّ المنطقي المتكوّن من الجنس والفصل ، في قبال التعريف بالرسم المتكوّن من العرضيّ العامّ والخاصّة ، بل مرادهم ما يشمل الحدّ والرسم . وبعبارة أُخرى : إن مرادهم من ذلك هو الأعمّ من الجنس والفصل الحقيقيّين أو ما هو بمنزلة الجنس والفصل ؛ إذ يُجعل العرضيّ العامّ بمنزلة الجنس وتُجعل الخاصّة بمنزلة الفصل . وهذا ما أشار إليه الحكيم السبزواري في شرح منظومته عندما تعرّض لهذا البحث ، حيث قال : « وإن أردت إيضاح مشاركة الحدّ والبرهان في الحدود فاعلم مقدّمتين ؛ إحداهما : أن ليس المراد بالحدّ هاهنا ما يقابل الرسم كما مرّ ، بل مطلق التعريف » [1] . الثاني : ليس المراد من الحدّ في القاعدة هو الحدّ في باب الكلّيات ( الإيساغوجي ) ، وإنّما المراد منه الحدّ في باب البرهان . والفرق بينهما : هو أنّ الحدّ في باب الكلّيات ما يذكر فيه علل قوام الشئ من الجنس والفصل القريب كالحيوانية الناطقية بالنسبة إلى الإنسان ، وهو تعريف بحسب الماهيّة من حيث هي ، ويؤخذ فيه ذاتيّ باب الإيساغوجي ، وهذا الذاتيّ الذي يتألّف منه الحدّ في باب الكلّيات الخمسة هو الذي ذكره
[1] شرح المنظومة ، قسم المنطق ، السبزواري ، مصدر سابق : ص 36 .