responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفلسفة نویسنده : السيد كمال الحيدري    جلد : 1  صفحه : 175


السفر الثالث : من الحقّ إلى الخلق بالحقّ اتّضح لنا - فيما تقدّم - أنّ السالك قد نال في سفره الأوّل والثاني قسطاً من المعارف الإلهية المرتبطة بالمبدأ والمعاد وغير ذلك من الحقائق الكونية الغائبة عن الحسّ ، وأنّه قد توصّل إلى ذلك بالشهود والمعاينة ، وكلّ بحسب قدره ووعائه ، بمقتضى قوله تعالى : * ( أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ) * [1] .
وبعد ذلك يكون السالك قد استعدّ لسفره الثالث ، وهو العود من الحقّ إلى الخلق وعالم الكثرة ، ولكنّه عود ورجوع بطانته الحقّ والحقّانية ، بخلاف ما كان عليه السالك في سيره وسفره الأوّل ، حيث كان مستغرقاً في عالم الكثرة ، فالسفر الثالث عود ربّاني يؤدّي السالك من خلاله وظيفة إلهية سامية وسفارة حقّة ربّانية ، حيث يبدأ رحلته في إيصال ما شاهده وعاينه في سفره الثاني إلى الخلق ، فتكون المسؤولية الملقاة على عاتقه في سفره الثالث هو تعريف الآخرين بما تَعرّف عليه شهوداً وتحقّق فيه وتلبّس به من المعارف الإلهية .
وهذا الإيصال والإخبار والإنباء هو نحوٌ من النبوّة بمعناها اللغوي لا الاصطلاحي ، أي هي ليست نبوّة التشريع وإنّما هي نبوّة الإنباء عن تلك المعارف الإلهية التي اغترف منها في سفره الثاني ، وبهذا الصدد يقول العارف القمشه اي : « ويحصل له حظّ من النبوّة ، وليس له نبوّة التشريع » [2] ، وأمّا من حيث التشريع فإنّه تابع إلى نبيّ زمانه ، وبذلك ترتفع الشبهة التي تثار حول كلمات جملة من العُرفاء ، من قبيل ما هو موجود في كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي ، حيث تصوّر البعض أنّ ابن عربي يدّعي لنفسه مقام النبوّة



[1] الرعد : 17 .
[2] رسالة في تحقيق الأسفار الأربعة للعارف القمشئي ، مصدر سابق : ص 394 .

175

نام کتاب : الفلسفة نویسنده : السيد كمال الحيدري    جلد : 1  صفحه : 175
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست