والصفات عائدة إليها ، بمعنى أنّها عين الذات وليست أمراً زائداً على الذات ، كما هو المقُرّر في علم الكلام بحسب مباني مدرسة أهل البيت « عليهم السلام » ؟ والجواب : هو أنّ تلك الأسماء والصفات وإن كانت أعياناً خارجية مُتمايزة ، إلاّ أنّها ليست وجودات أخرى خارجة عن الذات الإلهية ، وإنّما كلّ اسم أو صفة هو نفس الذات الإلهية ولكنّها مأخوذة بحيثية من الحيثيات تعكس مؤدّى ذلك الاسم وحقيقته أو الصفة وحقيقتها . والحاصل : إنّ المعرفة في السفر الثاني تعني أن يكون السالك مظهراً من مظاهر تلك الأسماء والصفات كلّ بحسبه ، وعندئذٍ سوف تفنى ذات السالك وصفاته وأفعاله في ذات الله تعالى وصفاته وأفعاله ، بالنحو الدقيق من الفناء الذي تقدّم بيانه . 2 . عدم التناهي وهي أنّ السالك في هذا السفر الثاني نظراً لكون المبدأ والمنتهى فيه واحداً وهو الحقّ تعالى وأنّ الحقّ تعالى غير متناه ، فلازم ذلك أن يكون سيره غير متناه أيضاً ، وحيث إنّ السير فيه غير متناه فإنّ الزاد مهما عظم فيه فهو قليل ، وإنّ المقصد مهما حثّ السالك نحوه الخُطى فهو بعيد . ولعلّ أعظم من ترجم لنا ذلك السفر هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب « عليه السلام » ، حيث يقول فيه : « آهٍ من قلّة الزاد ، وطول الطريق ، وبُعد السفر » [1] . وهنا يقول جُملة من المحقّقين : إنّ آهات سيّد الموحّدين « عليه السلام » إنّما كانت للسفر الثاني ؛ لعلمه بأنّه سفر لا نهاية له ، وأنّ كلّ سالك يأخذ منه بحسب قدره .
[1] نهج البلاغة ، نسخة المعجم المفهرس : ص 156 الحكمة رقم 77 .