السفر الأوّل : من الخلق إلى الحق السفر هو الحركة من الموطن ، متوجّهاً إلى المقصد بطيّ المنازل [1] ، أو كما يرى البعض أنّه عبارة عن توجّه القلب إلى الحقّ تعالى بالذكر [2] ، أو هو ارتقاء من صفة إلى صفة [3] ، وعليه فهنالك حركة وتوجّه وارتقاء من وضع إلى آخر . ومبدأ السفر الأوّل هو هذه النشأة المادّية « من الخلق » وهي نشأة لم يكن الإنسان قد تعرّف فيها على الله سبحانه وتعالى ، إلاّ بقدر ما يحمله من ارتكاز وفطرة . وهذا يعني أنّ الإنسان ما دام منطلقه الأوّل مادّياً وأنّه سوف يضع قدمه في أوّل الطريق ، فإنّ وجوده وجود مادّي ولم يصر بعدُ وجوداً حقّانياً . والوجود الحقّاني هو الوجود الذي لا موضع للأنانية فيه ، وإنما يكون وجود العبد كلّه لله تعالى ، حيث لا يرى شيئاً في كلّ شئ سوى الله عزّ وجلّ : « ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت الله قبله وبعده ومعه » [4] . فلا يرى في الوجود إلاّ الله والشئ الجميل الحسن ، ولا وجود للقبيح في
[1] رسالة في تحقيق الأسفار الأربعة ، للعارف المحقّق محمّد رضا القمشئي الأصفهاني ، مطبوع على هامش كتاب شرح الهداية للمولى صدرا ، الطبعة الحجرية : ص 394 . [2] رسائل ابن عربي ، للشيخ الأكبر محيي الدين محمّد بن علي بن محمّد بن أحمد ابن عربي الحاتمي الطائي ، وضع حواشيه محمّد عبد الكريم النمري ، دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولى ، 1421 ه - ، بيروت : ص 407 . [3] الرسالة القشيرية ، لأبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القُشيري النيشابوري ، تحقيق : الدكتور عبد الحليم محمود والدكتور محمود بن الشريف ، الناشر : بيدار ، 1995 م ، قم : ص 410 . [4] مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية ، السيد الإمام الخميني ( ، نشر مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني ، الطبعة الرابعة ، 2002 م ، قم : ص 22 .