نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 547
في العالم في حكم الزمان ولا يزال ما مضى منه وما يستقبل في حكم زمان الحال ألا ترى في كلام الله في إخباره إيانا بأمور قد انقضت عبر عنها بالزمان الماضي وبأمور تأتي عبر عنها بالزمان المستقبل وأمور كائنة عبر عنها بالحال فالحال كل يوم هو في شأن والماضي وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا والمستقبل إذا أردناه أن نقول له كن فيكون وسأصرف عن آياتي الذين يتكبرون وسأريكم آياتي فلا يستعجلون ونطلب عند هذا كله عينا وجودية يكون هذا كله فيها وهي له كالظرف فلا نجدها لا عقلا ولا حسا لكن وهما ظرفيا وذاك الظرف مظروف لظرف متوهم لا يتناهى يحكم به الوهم لا غير فما ثم إن عقلت ما يعقل بالوهم ولا يعقل بالعقل ولا بالحس إلا الوجود الحق الذي نستند إليه في وجودنا فلهذه النسبة تسمى لنا بالدهر حتى لا يكون الحكم إلا له لا لما يتوهم من حكم الزمان إذ لا حاكم إلا الله ففيه ظهرت أعيان الأشياء بأحكامها فهو الوجود الدائم وأعيان الممكنات بأحكامها تظهر من خلف حجاب وجوده للطافته فنرى أعيان الممكنات وهي أعياننا من خلف حجاب وجوده ولا نراه كما نرى الكواكب من خلف حجب السماوات ولا نرى السماوات وإن كنا نعقل أن بيننا وبين الكواكب سماوات إلا أنها من اللطافة لا تحجب من يكون وراءها والله لطيف بعباده فمن لطفه أنه هو الذي يأتيهم بكل ما هم فيه ولا تقع أبصار العباد إلا على الأسباب التي يشهدونها فيضيفون ما هم فيه إليها فظهر الحق باحتجابه فهو الظاهر المحجوب فهو الباطن للحجاب لا لك وهو الظاهر لك وللحجاب فسبحان من احتجب في ظهوره وظهر في حجابه فلا تشهد عين سواه ولا ترتفع الحجب عنه ولم يزل ربا ولم نزل عبيدا في حال عدمنا ووجودنا فكل ما أمر سمعنا وأطعنا في حال عدمنا ووجودنا إذا لم يخاطبنا بفهوانية الأمثال والأشكال فإذا خاطبنا بفهوانية الأمثال والأشكال والسنة الإرسال فمن كان منا مشهوده ما وراء الحجاب وهو المثل والرسول سمع فأطاع من حينه ومن كان مشهوده المثل سمع ضرورة ولم يطلع للحسد الذي خلق عليه من تقدم أمثاله عليه فظهر المطيع والعاصي أي عصى على مثله لكونه ما نفذ فيه أمره بالطاعة ما عصى على الله ولهذا قال بعضهم إنما احتجب الله في الدنيا عن عباده لأنه سبق في علمه أنه يكلفهم ويأمرهم وينهاهم وقد قدر عليهم بمخالفة أمره وبموافقته في أوقات فلا بد من ظهور المخالفة والموافقة فخاطبهم على السنة الرسل ع وحجب ذاته سبحانه عنهم في صورة الرسول وذلك لأنه قال من يطع الرسول فقد أطاع الله وقال فأجره حتى يسمع كلام الله فلو لا أن الرسول صورته الظاهرة المشهودة ما صح هذا القول فوقعت المخالفة من المخالف بالقدر السابق والحكم القضائي ولا يتمكن أن يخالف أمره على الكشف فانحجب بالإرسال انحجابه بالأسباب فوقع الذم على الأسباب فهي وقاية الرحمن فما خالف أحد الله تعالى وما خولف إلا الله تعالى فلا تزال الأسباب للمحجوبين مشهودة ولا يزال الحق للعارفين مشهودا مع عقلهم الحجب في حق من حجبته فكثف اللطيف عندهم ولطف الكثيف عند العارفين بالله فيعلم العقل ما لا يشهد البصر * وتشهد العين ما ترمي به الفكر فجمع العارفون بين العقل والبصر فلهم قلوب يفقهون بها ولهم أعين يبصرون بها ولهم آذان يسمعون بها والمحجوبون على قسمين منهم من له قلب لا يفقه به وعين لا يبصر بها ومنهم من له قلب يفقه به وله عين لا يبصر بها وهم المؤمنون فيعلمون ولا يشهدون ومن عداهم لا يعلمون ولا يشهدون وأهل الله يعلمون ويشهدون ولهذا إذا خاطبهم يسمعون ويطيعون ويشهدون ذواتهم محلا لما يخلق الله فيها مما يحكم فيه أنه مخالفة وموافقة فهو مطيع مهيا لقبول ما يتكون فيه كالرحم من المرأة مهيأ لما يتكون فيه غير ممتنع فالعبد الذي بهذه المثابة شجنة موجدة فهو رحمان في العالم رحيم بالمؤمنين فالرب زمانه المربوب والمربوب زمانه الرب لأنه ما ثبت الحكم لكل واحد بما حكم عليه به إلا بالآخر فمن كون كل واحد ينطلق عليه ليس كمثله شئ لا يكون واحد منهما زمانا للآخر لارتفاع النسب وهذا لا يكون إلا بالنظر لعين كل واحد لا لحكمه فإذا انتقلت إلى النظر في الحكم الذي هو موقوف على العالم به وعلى الحق بالعالم صح أن يكون الحكم من كل واحد زمانا للآخر كالمتضايفين متى صحت الأبوة لزيد على عمرو قيل حين صحت البنوة لعمرو من زيد فزمان أبوة زيد بنوة عمرو وزمان بنوة عمر وأبوة زيد فالأب زمانه الابن والابن زمانه الأب
547
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 547