responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 418


فالباطل والكفر والجهل مآله إلى اضمحلال وزوال لأنه حكم لا عين له في الوجود فهو عدم له حكم ظاهر وصورة معلومة فيطلب ذلك الحكم وتلك الصورة أمرا وجوديا يستندان إليه فلا يجدانه فيضمحلان وينعدمان فلهذا يكون المآل إلى السعادة والايمان والحق والعلم يستندون إلى أمر وجودي في العين وهو الله عز وجل فيثبت حكمهم في العين أي في عين المحكوم عليه بهم لأن الذي يحفظ وجود هذا الحكم هو موجود بل هو عين الوجود وهو الله المسمى بهذه الأسماء المنعوت بهذه النعوت فهو الحق العالم المؤمن فيستند الايمان للمؤمن والعلم إلى العالم والحق إلى الحق والله تعالى ما تسمى بالباطل لوجوده ولا بالجاهل والكافر تعالى الله عن هذه الأسماء علوا كبيرا فنزلت الكتب الإلهية والصحف على قلوب المؤمنين الخلفاء والرعايا والورثة فسرت منفعتها في كل قلب كان محلا لكل طيب وأما الأمور العوارض التي ليست منزلة عن أمر إلهي مشروع فهي أهواء عرضت للنواب والرعايا تسمى جورا والعوارض لا ثبات لها فيزول حكمها بزوالها إذا زال والعين الذي كان قبلها واتصف بها موجود ولا بد له من حال يتصف به وقد زال عنه الشقاء لزوال موجبة إذ كان الموجب عارضا عرض فلا بد من نقيضه وهو المسمى سعادة ومن دخل النار منهم فما دخلها إلا لتنفي عنه خبثه وتبقي طيبه فإذا ذهب الخبث وبقي الطيب فذلك المعبر عنه بالسعيد الذي كان سعده مستهلكا في خبثه هكذا هو الأمر في نفسه ولا يغلم قدر ما قررناه إلا ذو عينين لا ذو عين واحدة ومن وقف بين النجدين فرأى غاية كل طريق فسلك طريق سعادته التي لا يتقدمها شقاء فإنها طريق سهلة بيضاء مثلي نقية لا شوب فيها ولا عوجا ولا أمتا والطريق الأخرى وإن كانت غايتها سعادة ولكن في الطريق مفاوز ومهالك وسباع عادية وحيات مضرة فلا يصل مخلوق إلى غايتها حتى يقاسي هذه الأهوال والطريقان متجاوران ينبعثان من أصل واحد وينتهيان إلى أصل واحد ويفترقان ما بين الأصلين ما بين البداية والغاية وصورتهما في الهامش كما تراه فيشاهد صاحب المحجة البيضاء ما في طريق صاحبه لأنه بصير وصاحبه أعمى فليس يرى الأعمى طريق البصير فيطرأ على البصير من مشاهدة تلك الآفات التي في طريق الأعمى مخاوف لما يرى من الأهوال ويتوهم في نفسه لو كان فيها ما كان يقاسيه ويرى الأعمى ليس عنده خبر من هذا كله لما هو عليه من العمي فلا يبصر شيئا فيسير ملتذا بسيره حتى يتردى في حفرة أو تلدغه حية من تلك الحيات فحينئذ يحس بالألم ويستغيث بصاحبه فمن الأصحاب من يغيثه ومن الأصحاب من يكون قد سبقه فلا يسمعه فيبقى مضطرا ما شاء الله فيرحمه الله فيسعده والحيوان بما هو حيوان يحس بالألم واللذة وبما هو عاقل وهو الإنسان يعلم السبب المؤلم والسبب الملذ ذوقا من العادة حتى إن جماعة غلطت في ذلك فجعلوا الألم للسبب المؤلم ذاتيا وليس كذلك وإنما الذي يتألم به الإنسان أو يلتذ إنما هو قيام الألم به أو اللذة به عقلا لا سببها هذا في الآلام واللذات العادية وثم أسباب أخر لا يستقل العقل بإدراكها فيخبره الله بها على لسان رسوله بالوحي فيعلمها فيأتي من ذلك ما أمره الله به أن يأتيه ويجتنب من ذلك ما أمره الله به أن يجتنبه وقد علم الألم واللذة عقلا فيتذكرهما عند علمه بهذه الأسباب الشرعية الموجبة لهما فمن أطاع أطاع على بصيرة من أمره ومن عصى وعلم أنه عاص عصى على بصيرة من المعصية وليس هو على بصيرة من المؤاخذة عليها كما هو على بصيرة في الطاعة من الجزاء عليها فما أجرأه على المعصية بالقدر السابق إلا كونه على غير بصيرة من المؤاخذة ولا ينبغي للمؤمن بل لا يصح أن يكون على بصيرة في المؤاخذة بالمعصية فإن الرحمة الإلهية والمغفرة ما هو الانتقام والأخذ بأولى من المغفرة إلا ما عين الله من صفة خاصة يستحق من مات وهي به قائمة المؤاخذة ولا بد وليس إلا الشرك وما عدا الشرك فإن الله أدخله في المشيئة فلا يصح أن يكون أحد على بصيرة في العقاب فهذا هو الذي أجرأ النفوس على ارتكاب المحارم والدخول في المأثم إلا من عصم الله بخوف أو رجاء أو حياء أو عصمة في علم الله به خارجة عن هذه الثلاثة ولا خامس لهذه الأربعة المانعة من وقوع المخالفة والتعرض للعقوبة والممكن قد عهد الله على قبوله لكل ممكن بذاته فمن وفي بهذا العهد مع الله فإنه يسعده بلا شك ابتداء فإن نقض عهد الله في ذلك وصير الممكن محالا أو واجبا فقد خرج عما عاهد عليه الله وعرض بذاته لما تخيل أنه لا يصيبه ومثل هذا هو الذي رد دعوة الحق التي جاء بها الرسول من عند الله كالبراهمة ومن قال بقولهم واعلم أنه لما كان الإنسان الكامل عمد السماء الذي يمسك الله بوجوده السماء أن تقع على الأرض فإذا زال الإنسان

418

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست