responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 382


فأتاه بثمرها فأكل آدم وزوجته حواء وصدقا إبليس وهو الكذوب في قوله هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى وكذلك كان أورثه ذلك الأكل منها الخلد في الجنة والملك الذي لا يبلى وما قال له متى وجعل ذلك من خاصية تلك الشجرة فيمن أكل منها فأورثه الاجتباء الإلهي فأهبطه الله للخلافة في الأرض تصديقا لما قاله للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة وأهبط حواء للنسل وأهبط إبليس للاغواء ليحور عليه جميع ما يغوي به بني آدم إذا عمت الناس رحمة الله فجعل الله كل مخالفة تكون من الإنسان من إلقاء العدو وإغوائه فقال الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء أي بإظهارها يعني بذلك وقوعها منكم لما علم إن الإنسان قد رفع عنه الحق ما حدث به نفسه وما هم به من السوء إلا أن يظهر ذلك على جوارحه بالعمل وهو الفحشاء فقال تعالى والله يعدكم مغفرة منه لما وقع منكم من الفحشاء التي أمركم بها الشيطان وفضلا لما وعدكم به من الفقر وهذه أعظم آية وأشدها مرت على سمع إبليس فإنه علم أنه لا ينفعه إغواؤه ولهذا لا يحرص إلا على الشرك خاصة لكونه سمع الحق يقول إن الله لا يغفر إن يشرك به وتخيل أن العقوبة على الشرك لا ينتهي أمدها والله ما قال ذلك فلا بد من عقوبة المشرك ومن سكناه في جهنم فإنه ليس بخارج من النار فهو مؤبد السكنى ولم يتعرض لانتهاء مدة العذاب فيها بالشقاء وليس الخوف إلا من ذلك لا من كونها دار إقامة لمن يعمرها فصدق الله بكون المشرك مأخوذا بشركه فهو بمنزلة إقامة الحد على من تعين عليه سواء كان ذلك في الدنيا أو في الآخرة فهي حدود إلهية يقيمها الحق على عبده إذا لم يغفر له أسبابها وجهل إبليس انتهاء مدة عقوبة المشرك من أجل شركه ولهذا طمع إبليس في الرحمة الإلهية التي وسعت كل شئ وطمعه فيها من عين المنة لإطلاقها لأنه علم في نفسه أنه موحد وإنما سماه الله كافرا في قوله تعالى وكان من الكافرين لأنه يستر عن العباد طرق سعادتهم التي جاء بها الشرع في حق كل إنسان بما يقدر عليه من ذلك فقال فيه أبى واستكبر وكان من الكافرين ولم يقل من المشركين لأنه يخاف الله رب العالمين ويعلم أن الله واحد وقد علم حال مال الموحدين إلى أين يصير سواء كان توحيده عن إيمان أو عن نظر من غير إيمان كما قال عيسى ع لإبليس لما عجز إبليس أن يطيعه عيسى ع فقال له إبليس يا عيسى قل لا إله إلا الله حرص أن يطيعه فقال له عيسى ع أقولها لا لقولك لا إله إلا الله وقد علم إبليس أن جهنم لا تقبل خلود أهل التوحيد فيها وأن الله لا يترك فيها موحدا بأي طريق كان توحيده فعلى هذا القدر اعتمد إبليس في حق نفسه فعلم من وجه وجهل من وجه إذ لا يعلم الشئ من جميع وجوهه إلا الله عز وجل الذي أحاط بكل شئ علما سواء كان الشئ ثابتا أو موجودا أو متناهيا أو غير متناه قال لي الحق في ضميري * ما أجهل الخلق بالأمور ما عرف الأمر غير شخص * منبئ عالم خبير مهيأ للهدى معد * ندب بأمر الورى بصير قد علم الحق علم ذوق * ليس بحدس ولا شعور ولا تناء ولا تدان * ولا خفاء ولا ظهور ( الوصل التاسع من خزائن الجود ) قال تعالى والتفت الساق بالساق فهو التفاف لا ينحل فإنه تعالى تمم فقال إلى ربك يومئذ المساق فأتى بالاسم الذي يعطي الثبات والأمر ملتف بالأمر وإلى الرب المساق فلا بد من ثبات هذا الالتفاف في الدار الآخرة فعين أمر الدنيا عين أمر الآخرة غير إن موطن الآخرة لا يشبه موطن الدنيا لما في الآخرة من التخليص القائم بوجود الدارين فوقع التمييز بالدار والكل آخرة فالتف أمر الدنيا بأمر الآخرة لا عين الدنيا بأمر الآخرة ولا عين الدنيا بعين الآخرة ولكل دار أهل وجماعة والأمر ما هو عليه ذلك الجميع وإن اختلفت الأحوال فلا تزال الناس في الآخرة ينتقلون بالأحوال كما كانوا في الدنيا ينتقلون بالأحوال والأعيان ثابتة فإن الرب يحفظها فالانتقال هو الجامع وفيما ذا ينتقلون فذلك علم آخر يعلم من وجه آخر فمن كون الآخرة دار جزاء كما كانت الدنيا دار جزاء في الخير والشر ظهر في الآخرة ما ظهر من سعادة وشقاء فالشقاء للغضب الإلهي والسعادة

382

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 382
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست