responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 336


يفلح بهم وهي حالة فقهاء الزمان الراغبين في المناصب من قضاء وشهادة وحسبة وتدريس وأما المتنمسون منهم بالدين فيجمعون أكتافهم وينظرون إلى الناس من طرف خفي نظر الخاشع ويحركون شفاههم بالذكر ليعلم الناظر إليهم أنهم ذاكرون ويتعجمون في كلامهم ويتشدقون ويغلب عليهم رعونات النفس وقلوبهم قلوب الذئاب لا ينظر الله إليهم هذا حال المتدين منهم لا الذين هم قرناء الشيطان لا حاجة لله بهم لبسوا للناس جلود الضأن من اللين إخوان العلانية أعداء السريرة فالله يراجع بهم ويأخذ بنواصيهم إلى ما فيه سعادتهم وإذا خرج هذا الإمام المهدي فليس له عدو مبين إلا الفقهاء خاصة فإنهم لا تبقي لهم رياسة ولا تمييز عن العامة ولا يبقى لهم علم بحكم إلا قليل ويرتفع الخلاف من العالم في الأحكام بوجود هذا الإمام ولولا أن السيف بيد المهدي لأفتى الفقهاء بقتله ولكن الله يظهره بالسيف والكرم فيطمعون ويخافون فيقبلون حكمه من غير إيمان بل يضمرون خلافه كما يفعل الحنفيون والشافعيون فيما اختلفوا فيه فلقد أخبرنا أنهم يقتتلون في بلاد العجم أصحاب المذهبين ويموت بينهما خلق كثير ويفطرون في شهر رمضان ليتقوا على القتال فمثل هؤلاء لولا قهر الإمام المهدي بالسيف ما سمعوا له ولا أطاعوه بظواهرهم كما أنهم لا يطيعونه بقلوبهم بل يعتقدون فيه أنه إذا حكم فيهم بغير مذهبهم أنه على ضلالة في ذلك الحكم لأنهم يعتقدون أن زمان أهل الاجتهاد قد انقطع وما بقي مجتهد في العالم وأن الله لا يوجد بعد أئمتهم أحدا له درجة الاجتهاد وأما من يدعي التعريف الإلهي بالأحكام الشرعية فهو عندهم مجنون مفسود الخيال لا يلتفتون إليه فإن كان ذا مال وسلطان انقادوا في الظاهر إليه رغبة في ماله وخوفا من سلطانه وهم ببواطنهم كافرون به وأما المبالغة والاستقصاء في قضاء حوائج الناس فإنه متعين على الإمام خصوصا دون جميع الناس فإن الله ما قدمه على خلقه ونصبه إماما لهم إلا ليسعى في مصالحهم هذا والذي ينتجه هذا السعي عظيم وله في قصة موسى ع لما مشى في حق أهله ليطلب لهم نارا يصطلون بها ويقضون بها الأمر الذي لا ينقضي إلا بها في العادة وما كان عنده ع خبر بما جاءه فأسفرت له عاقبة ذلك الطلب عن كلام ربه فكلمه الله تعالى في عين حاجته وهي النار في الصورة ولم يخطر له ع ذلك الأمر بخاطر وأي شئ أعظم من هذا وما حصل له إلا في وقت السعي في حق عياله ليعلمه بما في قضاء حوائج العائلة من الفضل فيزيد حرصا في سعيه في حقهم فكان ذلك تنبيها من الحق تعالى على قدر ذلك عند الله تعالى وعلى قدرهم لأنهم عبيده على كل حال وقد وكل هذا على القيام بهم كما قال تعالى الرجال قوامون على النساء فأنتج له الفرار من الأعداء الطالبين قتله الحكم والرسالة كما أخبر الله تعالى من قوله ع ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين وأعطاه السعي على العيال وقضاء حاجاتهم كلام الله وكله سعى بلا شك فإن الفار أتى في فراره بنسبة حيوانية فرت نفسه من الأعداء طلبا للنجاة وإبقاء للملك والتدبير على النفس الناطقة فما سعى بنفسه الحيوانية في فراره إلا في حق النفس الناطقة المالكة تدبير هذا البدن وحركة الأئمة كلهم العادلة إنما تكون في حق الغير لا في حق أنفسهم فإذا رأيتم السلطان يشتغل بغير رعيته وما يحتاجون إليه فاعلموا أنه قد عزلته المرتبة بهذا الفعل ولا فرق بينه وبين العامة ولما أراد عمر بن عبد العزيز يوم ولي الخلافة أن يقيل راحة لنفسه لما تعب من شغله بقضاء حوائج الناس دخل عليه ابنه فقال له يا أمير المؤمنين أنت تستريح وأصحاب الحاجات على الباب من أراد الراحة لا يلي أمور الناس فبكى عمر وقال الحمد لله الذي أخرج من ظهري من ينبهني ويدعوني إلى الحق ويعينني عليه فترك الراحة وخرج إلى الناس وكذلك خضر واسمه بليا بن ملكان بن فالغ بن غابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح ع كان في جيش فبعثه أمير الجيش يرتاد لهم ماء وكانوا قد فقدوا الماء فوقع بعين الحياة فشرب منه فعاش إلى الآن وكان لا يعرف ما خص الله به من الحياة شارب ذلك الماء ولقيته بإشبيلية وأفادني التسليم للشيوخ وأن لا أنازعهم وكنت في ذلك اليوم قد نازعت شيخا لي في مسألة وخرجت من عنده فلقيت الخضر بقوس الحنية فقال لي سلم إلى الشيخ مقالته فرجعت إلى الشيخ من حيني فلما دخلت عليه منزله فكلمني قبل إن أكلمه وقال لي يا محمد أحتاج في كل مسألة تنازعني فيها أن يوصيك الخضر بالتسليم للشيوخ فقلت له يا سيدنا ذلك هو الخضر

336

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست