نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 314
من الأفعال والأحوال ليتذكر بعقله شهوده ذلك من ربه فيه في حال عدمه لما كان عليه من الثبوت الذي أوجب له قبول التصرف إلهي فيه وبتلك الحالة الثبوتية امتثل أمر الحق بالتكوين فإن الأمر لا يرد إلا على متصف بالسمع فالقول الإلهي لم يزل والسمع الثبوتي لم يزل وما حدث إلا السمع الوجودي الذي هو فرع عن السمع الثبوتي فانتقلت الحال على عين السمع ما انتقل السمع فإن الأعيان لا تنقلب من حال إلى حال وإنما الأحوال تلبسها أحكاما فتلبسها فيتخيل من لا علم له أن العين انتقل فالأحوال تطلب الأسماء الإلهية لا أن الأعيان هي الموصوفة بالطلب ويحدث للأعيان أسماء والقلب بحسب أحكام الأحوال التي تنقلب عليها ولولا الأحوال ما تميزت الأعيان فإنه ما ثم إلا عين واحدة تميزت بذاتها عن واجب الوجود كما اشتركت معه في وجوب الثبوت فله تعالى وجوب الثبوت والوجود ولهذه العين وجوب الثبوت فالأحوال لهذه العين كالأسماء الإلهية للحق فكما إن الأسماء للعين الواحدة لا تعدد المسمى ولا تكثره كذلك الأحوال لهذه العين لا تعددها ولا تكثرها مع معقولية الكثرة والعدد في الأسماء والأحوال وبهذا صح لهذه العين أن يقال فيها إنها على الصورة أي على ما هو عليه الأمر الإلهي فحصل لهذه العين الكمال بالوجود الذي هو من جملة الأحوال التي تقلبت عليها فما نقصها من الكمال إلا وهو نفى حكم وجوب الوجود للتمييز بينها وبين الله إذ لا يرتفع ذلك ولا يصح لها فيه قدم وله تمييز آخر وذلك أن الحق يتقلب في الأحوال لا تتقلب عليه الأحوال لأنه يستحيل أن يكون للحال على الحق حكم بل له تعالى الحكم عليها فلهذا يتقلب فيها ولا تتقلب عليه كل يوم هو في شأن فإنها لو تقلبت عليه أوجبت له أحكاما وعين العالم ليس كذلك تتقلب عليه الأحوال فتظهر فيها أحكامها وتقليبها عليها بيد الله تعالى فأما تقليب الحق في الأحوال فمعلوم بالنزول والاستواء والمعية والضحك والفرح والرضي والغضب وكل حال وصف الحق به نفسه فهو سبحانه يتقلب فيها بالحكم فهذا الفرق بيننا وبين الحق وهو أوضح الفروق وأجلاها فوقعت المشاركة في الأحوال كما وقعت في الأسماء لأن الأسماء هي أسماء الأحوال ومسماها العين كما أنه لها الأسماء بنسبة غير هذه النسبة ومسماها الحق فهو السميع البصير العالم القدير وأنت السميع البصير العالم القدير فحال السمع والبصر والعلم والقدرة لنا وله بنسبتين مختلفتين فإنه هو هو ونحن نحن فلنا آلات ونحن له آلات فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده وقال فأجره حتى يسمع كلام الله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى والآلة رسول الله ص فالتقلب للحق في الأحوال لإظهار أعيانها كتقلب الواحد في مراتب الأعداد لإظهار أعيانها واعلم أن هذا المنزل ما سمي منزل سرين إلا لسر عجيب وهو أن الشئ الواحد تثنيه نفسه لا غيره في المحسوس والمعقول فأما في المحسوس فآدم ثناه ما فتح في ضلعه القصير الأيسر من صورة حواء فكان واحدا في عينه فصار زوجا بها وليست سوى نفسه التي قيل بها فيه إنه واحد وأما في المعقول فالألوهية ليست غير ذاته تعالى ومعقول الألوهة خلاف معقول كونه ذاتا فثنت الألوهة ذات الحق وليست سوى عينها فكما بث في الحس من آدم ومن ثناه من ذاته رجالا كثيرا ونساء على صورة الزوجين كذلك بث من ذات الحق تعالى وكونه إله العالم على صورة هذين المعقولين فالعالم خرج على صورة مؤثر ومؤثر فيه للتوالد أي لتوالد أجزائه فإن الألوهة حكم للذات فيها حكمت بإيجاد العالم فلما آثرت الحكم بإيجاد العالم لذلك ظهر العالم بصورة من أوجده بين مؤثر ومؤثر فيه كما جرى في المحسوس فإن الله ما خلق من آدم وحواء أرضا ولا سماء ولا جبلا ولا غير نوعه بل ما خلق منهما إلا مثلهما في الصورة والحكم إن التي كان الوجود بكونها * ذات يقدس لفظها معناها إني لأهواها وأهوى قربها * مني وأهوى كل من يهواها ليلى ولبنى والرباب وزينب * أتراب من حبي لها محياها لو مت مات وجودها بمماتنا * فوجودنا عين لها وسواها عجبا لنا ولها فإن وجودنا * فرد فلا ثان فمن ثناها ولما كان الأصل واحدا وما ثناه سوى نفسه ولا ظهرت كثرة إلا من عينه كذلك كانت له في كل شئ من العالم آية تدل
314
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 314