نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 238
الانتقام منه ولا تعرف ميزان الظلم والعدل في ذلك الانتقام والقهر لأن ذلك ما هو لها وإنما ذلك للعقل وناموس الوقت ولذا أخطأ الشاعر الذي قال الظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم فلو قال القهر بدلا من الظلم لقال الصحيح فإن الظلم لا يأتي به إلا الشرعي فمنه يعرف فليس للنفس إلا القهر حمية جاهلية فإن صادفت الحق كانت حمية دينية ولهذا يحمد الغضب لله وفي الله ويذم الغضب لغير الله وفي غير الله وهذا من تدبير الحكيم الحق الذي رتب الأمور مراتبها وأعطى كل شئ خلقه ليكون آية له لأولي الألباب ولسائر أهل الآيات من العالم إذ كانوا مختلفي المأخذ في ذلك كما عددهم الله في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وضم هذه الآيات كلها في كتاب الوجود الذي ما فيه سوى البيان والرحمة لا غير فكل ما ظهر في العالم من جانب الحق أو من معاملة بعضه بعضا يناقض الرحمة فأمر عرضي في الكتاب أبان عنه البيان حيث هو ذلك العارض ما هو في نفس هذا الكتاب فالكتاب رحمة كله من حيث ذاته وبيان فما جعله الله عذابا فالله أكرم أن يعذب خلقه عذابا لا ينتهي الأمر فيه إلى أجل ضمه وعينه بيان الكتاب ثم يرجع الحكم للرحمة هذا ما لا بد منه والله غفور رحيم ثم لتعلم إن الله أطلعني على حكم غريب يتعلق بالعالم الإنساني ولا أدري هل له تعلق بما عدا الإنسان من العالم أم لا ما أطلعني الله على ذلك ولا ينبغي لي أن أقول عن الله ما لا أعلم الله يعصمني وإياكم من ذلك وهذا الحكم يظهر في العالم الإنساني عند انقضاء كل ثلاثة آلاف عام من أعوام الدنيا وهو عند الله يوم واحد لا أدري لأي اسم إلهي يرجع هذا اليوم لأني ما عرفت به غير إن الحق تعالى قسمه لي ثلاثة أثلاث كل ثلث ألف سنة والألف سنة يوم واحد من أيام الرب هذا الذي أخبرني به ربي وهذه المدة التي هي ثلاثة آلاف سنة حكمها في الإنسان حكم بدء وعود وحياة وموت كيف يشاء الله وحيث يشاء الله غير إن الله لما رقم لي هذا الأمر في درجي كلمات وقفت عليها مشاهدة جعل كلمة بفضة وكلمة بذهب على هذه الصورة رقمها فعلمت أنها أحوال وأحكام تظهر في الإنسان في الجنة بمرور هذه المدة المعينة وما أثروا لله عندي خبر إلهي ورد على ما أثر هذا من الجزع والخوف المقلق فما سكن روعي إلا كون الكلمات من ذهب وفضة الكلمة الذهبية إلى جانبها الكلمة الفضية ولما فرع هذا الإلقاء الإلهي والتعريف الرباني وسكن عني ما كنت أجده من ألم هذا التجلي في هذه الصورة وسرى عني نظمت نظم إلهام لا نظم روية ما أذكره لنا حبيب نزيه لا أسميه * وهو الحبيب الذي حار الورى فيه إن قلت هذا فإن الحد يحصره * أو قلت هو فكلام لست أدريه كيف السبيل إلى غيب وأعيننا * في كل حين تراه من تجليه أو قلت عندي جاء الظرف يطلبه * والظرف حق ولكن ليس يحويه ما إن رأيت وجودا لست أدريه * إلا الذي أنا معنى من معانيه قد حرت فيه وحار الكون في وكم * أذناي قد سمعت من قولة فيه هذا الذي وجلال الحق أمرضه * فهل له عوض منه فيشفيه هو الشفاء هو الداء فأين أنا * العين واحدة وكلنا فيه ضمير أمرضه يعود على الكون واعلم أن لنا من الله الإلهام لا الوحي فإن سبيل الوحي قد انقطع بموت رسول الله ص وقد كان الوحي قبله ولم يجئ خبر إلهي أن بعده وحيا كما قال ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك ولم يذكر وحيا بعده وإن لم يلزم هذا وقد جاء الخبر النبوي الصادق في عيسى ع وقد كان ممن أوحي إليه قبل رسول الله ص أنه ع لا يؤمنا إلا منا أي بسنتنا فله الكشف إذا نزل والإلهام كما لهذه الأمة ولا يتخيل في الإلهام أنه ليس بخبر إلهي ما هو الأمر كذلك بل هو خبر إلهي وإخبار من الله للعبد على يد ملك مغيب عن هذا الملهم وقد يلهم من الوجه الخاص فالرسول والنبي يشهد الملك ويراه رؤية بصر عند
238
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 238