responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 179


الستر هو ستر العصمة فقال في الستر الواحد من المغفرة وقهم عذاب الجحيم وقال في الستر الآخر من المغفرة وقهم السيئات وما ثم للمغفرة ستر آخر فالستر الحائل بين المذنب والعذاب ستر كرم وعفو وصفح وتجاوز والستر الحائل بين العبد والذنب ستر عناية إلهية واختصاص وعصمة يوجب ذلك خوفا أو رجاء أو حياء كما جاء في صهيب نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه فسبب عصمته من وجود المعصية خوفه ولو لم يكن الخوف لمنعه الحياء من الله تعالى أن يجري عليه لسان ما يسمى ذنبا في حق من كان ولو لم يكن ذنبا في حقه لكونه ما أقيم إلا فيما أبيح له وهذه غاية العناية والعصمة من التصرف في المباح وأعظم المعاصي ما يميت القلوب ولا تموت إلا بعدم العلم بالله وهو المسمى بالجهل لأن القلب هو البيت الذي اصطفاه الله من هذه النشأة الإنسانية لنفسه فغصبه فيه هذا الغاصب وحال بينه وبين مالكه فكان أظلم الناس لنفسه لأنه حرمها الخير الذي يعود عليها من صاحب هذا البيت لو تركه له فهذا حرمان الجهل غير إن هنا نكتة ينبغي التنبيه عليها وذلك أن صاحب القلب الذي يرى أنه وسع القلب ربه دون سائر نشأته ينزل عن درجة من يرى أن الحق عين نشأته من غير تخصيص إذ كان الحق سمعه وبصره وجميع قواه فما اختص منه بشئ دون شئ فصاحب القلب مراقب قلبه وصاحب الحالة الأخرى يحكم بربه على كل شئ استتر فيه ربه عن ذلك الشئ وهو مشهود لصاحب هذه الصفة في ذلك الستر فيعامله بما يوحى إليه به فإن أوحي إليه بالكشف عنه اعتناء من الحق بهذا المستور عنه كشفه له وأعرب له عن نفسه وعرفه ما هو الحق منه وإن أوحي إليه بإبقاء الستر عليه أبقاه ولم يظهر له شيئا مما هو في نفسه عليه هذا المستور فيحكم صاحب هذه الصفة على صاحب القلب ولا يحكم عليه صاحب القلب لشغله بحراسة قلبه الذي هو بيت ربه لئلا يدخل فيه غير ربه فإنه الحفيظ البواب فإذا فهمت هذا فانظر أي الرجلين تكون ولهذا أهل المراقبة لا يزالون في الحجاب عن التصرف في الكون وهم أهل الحدود في الله فإذا ارتفعوا عن مراقبة قلوبهم فهو أعظم الحجب وإذا تعدوا في مراقبة قلوبهم مراقبة العالم بأسره اتسع عليهم المجال ولكن ما لهم حكم صاحب ذلك الوصف الذي ذكرنا فإنهم مراقبون إياه لكونه مراقبا إياهم لأنه على كل شئ رقيب فقابلوا الحفظ بالحفظ مقابلة الأمثال بالموازنة والمطابقة فكما راقبهم بعينه راقبه هذا المراقب بعينه أيضا ومن كان حقا كله في نفسه وفي العالم خرج عن صفة المراقبة فإنها مقام سلوك ومحجة فإذا سلكت فيه به ومنه إليه لم يكن ثم من يراقب إذ لا خوف في ذلك الطريق من مانع يمنع السالك فيه فهو سلوك لا مراقبة فيه ويتضمن هذا المنزل من العلوم علم إسبال الستور وعلى من تسبل فقد يسبل الستر على جهة التعظيم كالحجاب والستر الذي وراءه الملك أو المخدرة ويسبل الستر أيضا دون من لا يرتضي للكشف لما وراء الستر وقد تسبل الأستار رحمة بمن تسبل دونهم كالحجب الإلهية بين العالم وبين الله إبقاء عليهم لئلا تحرقهم السبحات الوجهية فيتضمن علم لماذا تسدل وعلى من تسدل وفيه علم صور تركيب الكلام الإلهي مع أحديته من أين قبل التركيب وما هو إلا واحد العين ليفرق الإنسان العالم بين حقيقة الكلام وبين ما يتكلم به من له صفة الكلام فيعلم إن التركيب فيما يتكلم به لا في الكلام وعلم هذا النوع من المعلومات علم عزيز لا يختص به إلا العلماء بالله الذين سمعوا كلام الله في أعيان الممكنات وفيه علم القابل والمقبول منه والقبول الذي هو نعت القابل وهل يتنوع القبول لتنوع القابل أو لا أثر للقابل فيه وفيه علم الحدود الإلهية لماذا ترجع هل إليها في ذاتها أو إلى الله أو إلى الممكنات التي هي العالم وفيه علم صفات المنازعين الذين يعلمون الحق فيسترونه مثل الفقهاء الذين يلتزمون مذهبا لا يعتقدون صحته فيناظرون عليه مع علمهم ببطلانه والخصم الذي يكون في مقابلته يأتي بالحق على بطلانه ويعلم هذا الآخر أن الحق بيد صاحبه فيرده ويظهر الباطل في صورة الحق على علم منه فهل يستوي هو ومن يظن في الباطل أنه حق فيذب عنه لكونه عنده إنه حق وما حكم هؤلاء عند الله يوم القيامة وهل لهم مستند إلهي أم لا وفيه علم الفرق بين الإنكار والجحد والكذب وهل هذا كله أمر عدمي أو وجودي فإن كان وجوديا ففي أي مرتبة هو من مراتب الوجود هل يعمها كلها أو هو في بعضها وكذلك إن كان عدميا في أي مرتبة هو من مراتب العدم هل هو في مرتبة العدم الذي لا يقبل الوجود وهل ثم للعدم مرتبة لا يقبل الوجود بنسبة ما أومأ ثم عدم إلا ويقبل نسبة إلى مرتبة وجودية أو هو في مرتبة العدم الذي يقبل المنعوت به الوجود

179

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست