responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 419


غير أنه لم يكن من العلماء بالله من طريق الأذواق بل كان من أهل النظر الأكابر منهم ورد على العدوية فيما قالته ولا يعتبر عندنا ما يخالفنا فيه علماء الرسوم إلا في نقل الأحكام المشروعة فإن فيها يتساوى الجميع ويعتبر فيها المخالف بالقدح في الطريق الموصل أو في المفهوم باللسان العربي وأما في غير هذا فلا يعتبر إلا مخالفة الجنس وهذا سار في كل صنف من العلماء بعلم خاص وقوله وبذلك أمرت يعود على الجملة كلها وعلى كل جزء جزء منها بحسب ما يليق بذلك الجزء فلا يحتاج إلى ذكره مفصلا إذ قد حصل التنبيه على ما فيه لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ثم قال وأنا من المسلمين أي من المنقادين لا وأمره في قوله وبذلك أمرت ثم قال اللهم أنت الملك وذلك أن الله تعالى لما دعاه إلى القيام بين يديه وذلك أنه لا ينبغي أن يدعو إلى هذه الصفة إلا الملوك فخص هذا الاسم في التوجيه دون غيره ولهذا شرع التكتيف في الصلاة في حال الوقوف لأنه موطن وقوف العبد بين يدي الملك ثم يقول بالوصف الأخص لا إله إلا أنت ولم يقل لا ملك إلا أنت أدبا مع الله فإن الله قد أثبت الملوك في الأرض في قوله وجعلكم ملوكا ونفى أن يكون في العالم إله سواه لا بالحقيقة ولا بحكم الجعل فقال العبد في التوجيه لا إله إلا أنت ولو قال لا ملك إلا أنت لكان نافيا لما أثبته الحق وما أثبته الحق لا يلحقه الانتفاء كما أنه إذا نفى شيئا لا يمكن إثباته أصلا فإن كان لفظ هذا التوجيه نقلا عن الحق وهو من كلام الله فهو تصديق لما أثبته ونفاه وإن كان من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم فهو من مقام الأدب مع الله حيث لم ينف ما أثبته الله وإن كان لا ملك إلا الله ولكن الله قد أثبت الملوك فهذا معنى لا إله إلا أنت عقيب قوله أنت الملك فإنه يظهر فيه عدم المناسبة فلما كانت الألوهية تتضمن الملك ولا يتضمن الملك الألوهية أتى بلفظ يدل معناه على وجود الملك الذي سماه وإن لم يظهر له لفظ فالإله ملك وليس كل ملك إلها ثم يقول أنت ربي وأنا عبدك فقدم ربه وأخر نفسه وأضافها إلى ربه بحرف الخطاب لأنه بين يديه وانظر ما في هذا الكلام من الأدب يقول له أنت ربي وأنا عبدك الذي قسمت الصلاة بينك وبينه فمن حيث هذه العبودية الخاصة وقفت بين يديك وهي حالة مناجاة لا حالة أخرى فإن أحوال العبد تتنوع بتنوع ما يدعوه السيد إليه وإن كان عبدا في كل حالة ثم يقول ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يقول في هذا الكلام لما قال قبل التوجيه ذلك الدعاء الذي قدمناه بعد التكبير من سؤاله البعد بينه وبين خطاياه يقول ظلمت نفسي بما اكتسبت من الخطايا واعترفت بين يديك بها قبل مناجاتك فاغفر لي ذنوبي أي فأستر ذنوبي من أجلي إنه لا يقدر على سترها إلا أنت فلا تراني فتأتيني فأكون بها مذنبا ولا أراها فتحلوا لي فأتيها فأكون بها مذنبا وهو قوله باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب يقول إذا سترتها عني بهذا البعد لم نشهدها حتى أكون متفرغا لقبول ما دعوتني إليه فإنك إن أشهدتني ذنوبي ولم تسترها عني منعني الحياء والدهش عند رؤيتها إن أعقل ما تريده مني مما دعوتني إليه فلم يذكر أيضا إسقاطها عني حتى لا يكون يسعى في حظ نفسه وإن المطلوب سترها في تلك الحال ولهذا العالم بالله مع توبته لا يزال متى ذكر ذنبه أثرت في نفسه وحشة المخالفة وإن لم يؤاخذ به فإن الحال تعطي ذلك ثم يقول واهدني لا حسن الأخلاق لا يهدي لا حسنها إلا أنت هو بمنزلة قوله في الدعاء اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد أي وفقني لاستعمال مكارم الأخلاق في هذا الموطن مما يستحق أن أعاملك بها من الأدب في مناجاتك والأخذ عنك والفهم لما تورده علي في كلامك وفهم ما أناجيك به أنا من كلامك هذا كله من أحسن الأخلاق وفي أفعالي بهيات وقوفي بين يديك ظاهرا وباطنا كما شرعت لي فلا يهدي لأحسن الأخلاق إلا أنت أي أنت الموفق لهذه لا قوة لي على إتيان ذلك ولا تعيينه إلا بقوتك وبتعريفك إذ هذا مما لا يدرك بالاجتهاد بل بما تشرعه وتبينه لما كان قدرك مجهولا وما ينبغي لجلالك غير معلوم ولا نقيس معاملتنا معك بمعاملة العبيد مع الملوك فإنك قلت ليس كمثلك شئ فالأدب الذي يخصنا في معاملتك ما نعلمه إلا منك ثم قال واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت ابتداء بالتعليم فتعرفني ما لا ينبغي أن يعامل به جلالك وثانية أيضا بالاستعمال في ترك ما لا يحسن بقدرك إذ بيدك الأمر كله فقد تعلم العبد ولا تستعمله فيما علمته فاصرف عني سيئ الأخلاق بالعلم والاستعمال ثم يقول لبيك وسعديك أي إجابة لك ومساعدة لما دعوتني إليه بقولك على لسان حاجب الباب حي على الصلاة ها أنا قد جئت

419

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 419
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست