responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 418


مقاصده كما قال خلق الإنسان علمه البيان فعرفه بالمواطن وكيف يكون فيها ولو تركه مع نفسه لعاد إلى العدم الذي خرج منه فأعطاه الوجود ولوازمه وظهر فيه سبحانه بنفسه بما أظهر من الأفعال به وجعل للعبد أولا معلوما وجوديا وآخرا معلوما في الوجود معقولا في التقدير وظاهرا ما ظهر منه له وباطنا بما خفي عنه منه فلما حده بهذه الحدود وعراه عنها وقال له ما أنت هو بل هو الأول والآخر والظاهر والباطن فأبقى العبد في حال وجوده على إمكانه ما برح منه ولا يصح أن يبرح وأضاف الأفعال إليه لحصول الطمأنينة بأن الدعوى لا تصح فيها فإنه قال وإليه يرجع الأمر كله وقال أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون فلهذا أضاف العالم التوجيه إلى نفسه ووجه الشئ ذاته وحقيقته أي نصبت ذاتي قائمة كما أمرتني ثم قال للذي فطر السماوات والأرض وهو قوله ففتقناهما أي الذي ميز ظاهري من باطني وغيبي من شهادتي وفصل بين القوي الروحانية في ذاتي كما فصل السماوات بعضها من بعض فأوحى في كل سماء بما جعل في كل قوة من قوى سماواتي وقوله والأرض ففصل بين جوارحي فجعل للعين حكما وللأذن حكما ولسائر الجوارح حكما حكما وهو قوله وقدر فيها أقواتها وهو ما يتغذى به العقل الإنساني من العلوم التي تعطيه الحواس بما يركبه الفكر من ذلك لمعرفة الله ومعرفة ما أمر الله بالمعرفة به فهذا وما يناسبه ينظر العالم في الله بالتوجيه بقوله فطر السماوات والأرض وهو بحر واسع لو شرعنا فيما يحصل للعارف في نفسه الذي يوجب عليه أن يقول فطر السماوات والأرض ما وسعه كتاب ولكلت الألسن عن تعبير سماء واحدة منه ثم قال حنيفا أي مائلا والحنف الميل يقول مائلا إلى جناب الحق من إمكاني إلى وجوب وجودي بربي فيصح لي التنزه عن العدم فأبقى في الخير المحض فهذا معنى قوله حنيفا ثم قال وما أنا في هذا الميل من المشركين يقول ما ملت بأمري كما قال العبد الصالح وما فعلته عن أمري وإنما الحق علمني كيف أتوجه إليه وبما ذا أتوجه إليه ومما ذا أتوجه إليه وعلى أية حالة أكون في التوجه إليه هذا كله لا بد أن يعرفه العلماء بالله في التوجيه وإن لم يكونوا بهذه المثابة فما هم أهل توجيه وإن أتوا بهذا اللفظ فنفى عن نفسه الشرك والعبد وإن أضاف الفعل إلى نفسه فما هو شريك في الفعل وإنما هو منفرد بما يصح أن يكون له منفردا من ذلك الفعل ويكون الحق منفردا بما يصح أن يكون به منفردا من ذلك الفعل فالعبد لا يشاركه سيده في عبوديته فإن السيد لا يكون عبدا والعبد لا يكون سيدا لمن هو له عبد من حيث ما هو عبد له ثم قال إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي فأضاف الكل إلى نفسه فإنه ما ظهرت هذه الأفعال ولا يصح أن تظهر إلا بوجوب العبد إذ يستحيل على الحق إضافة هذه الأشياء إليه بغير حكم الإيجاد فتضاف إلى الحق من حيث إيجاد أعيانها كما تضاف إلى العبد من كونه محلا لظهور أعيانها فيه فهو المصلي كما إن المحرك هو المتحرك ما هو المحرك فهو المتحرك حقيقة ولا يصح أن يكون الحق هو المتحرك كما لا يصح أن يكون المتحرك هو المحرك لنفسه لكونه نراه ساكنا فاعلم ذلك حتى تعرف ما تضيفه إلى نفسك مما لا يصح أن تضيفه إلى ربك عقلا وتضيف إلى ربك ما لا يصح أن تضيفه إلى نفسك شرعا ونسكي هنا معناه عبادتي أي إن صلاتي وعبادتي يقول ذلتي ومحياي ومماتي أي وحالة حياتي وحالة موتي ثم قال لله رب العالمين أي لله أي إيجاد ذلك كله لله لا لي أي ظهور ذلك في من أجل الله لا من أجل ما يعود علي في ذلك من الخير فإن الله يقول وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فجعل العلة ترجع إلى جنابه لا إلي فلم يكن القصد الأول الخير لنا وإنما كان الإيثار في ذلك لجناب الحق الذي ينبغي له الإيثار فكان تعليما لنا من الحق وتنبيها وهو قول رابعة أليس هو أهلا للعبادة فالعالم من عبد الله لله وغير العالم يعبده لما يرجوه من الله من حظوظ نفسه في تلك العبادة فلهذا شرع لنا أن نقول لله رب العالمين أي سيد العالمين ومالكهم ومصلحهم لما شرع لهم وبين حتى لا يتركهم في حيرة كما قال تعالى في معرض الامتنان على عبده ووجدك ضالا فهدى أي حائرا فبين لك طريق الهدى من طريق الضلالة فطريق الهدى هنا هو معرفة ما خلقك من أجله حتى تكون عبادتك على ذلك فتكون على بينة من ربك ثم قال لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين أي لا إله في هذا الموضع مقصود بهذه العبادة إلا الله الذي خلقني من أجلها أي لا أشرك فيها نفسي بما يخطر له من الثواب الذي وعده الله لمن هذه صفته وقد ذهب بعضهم إلى الحضور مع الثواب في حال هذه العبادة وكفر من لم يقل به وهذا ليس بشئ وهو من أكابر المتكلمين

418

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست