responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 314


ثم النبيون ثم المؤمنون وبقي أرحم الراحمين وهنا تفصيل عظيم يطول الكلام فيه فإنه مقام عظيم غير أن الحق يتحلى في ذلك اليوم فيقول لتتبع كل أمة ما كانت تعبد حتى تبقي هذه الأمة وفيها منافقوها فيتجلى لهم الحق في أدنى صورة من الصور التي كان تجلى لهم فيها قبل ذلك فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك ها نحن منتظرون حتى يأتينا ربنا فيقول لهم جل وتعالى هل بينكم وبينه علامة تعرفونه بها فيقولون نعم فيتحول لهم في الصورة التي عرفوه فيها بتلك العلامة فيقولون أنت ربنا فيأمرهم بالسجود فلا يبقى من كان يسجد لله إلا سجد ومن كان يسجد إنقاء ورياء جعل الله ظهره طبقة نحاس كلما أراد أن يسجد خر على قفاه وذلك قوله يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون يعني في الدنيا والساق التي كشفت لهم عبارة عن أمر عظيم من أهوال يوم القيامة تقول العرب كشفت الحرب عن ساقها إذا اشتد الحرب وعظم أمرها وكذلك التفت الساق بالساق أي دخلت الأهوال والأمور العظام بعضها في بعض يوم القيامة فإذا وقعت الشفاعة ولم يبق في النار مؤمن شرعي أصلا ولا من عمل عملا مشروعا من حيث ما هو مشروع بلسان نبي ولو كان مثقال حبة من خردل فما فوق ذلك في الصغر إلا خرج بشفاعة النبيين والمؤمنين وبقي أهل التوحيد الذين علموا التوحيد بالأدلة العقلية ولم يشركوا بالله شيئا ولا آمنوا إيمانا شرعيا ولم يعملوا خيرا قط من حيث ما اتبعوا فيه نبيا من الأنبياء فلم يكن عندهم ذرة من إيمان فما دونها فيخرجهم أرحم الراحمين وما عملوا خيرا قط يعني مشروعا من حيث ما هو مشروع ولا خير أعظم من الايمان وما عملوه وهذا حديث عثمان بن عفان في الصحيح لمسلم بن الحجاج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات وهو يعلم ولم يقل يؤمن أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ولا قال يقول بل أفرد العلم ففي هؤلاء تسبق عناية الله في النار فإن النار بذاتها لا تقبل تخليد موحد لله بأي وجه كان وأتم وجوهه الايمان عن علم فجمع بين العلم والايمان فإن قلت فإن إبليس يعلم أن الله واحد قلنا صدقت ولكنه أول من سن الشرك فعليه إثم المشركين وإثمهم إنهم لا يخرجون من النار هذا إذا ثبت أنه مات موحدا وما يدريك لعله مات مشركا لشبهة طرأت عليه في نظره وقد تقدم الكلام على هذه المسألة فيما مضى من الأبواب فإبليس ليس بخارج من النار فالله يعلم أي ذلك كان وهنا علوم كثيرة وفيها طول يخرجنا عن المقصود من الاختصار إيرادها ولكن مع هذا فلا بد أن نذكر نبذة من كل موطن مشهور من مواطن القيامة كالعرض وأخذ الكتب والميزان والصراط والأعراف وذبح الموت والمأدبة التي تكون في ميدان الجنة فهذه سبعة مواطن لا غير وهي أمهات للسبعة الأبواب التي للنار والسبعة الأبواب التي للجنة فإن الباب الثامن هو لجنة الرؤية وهو الباب المغلق الذي في النار وهو باب الحجاب فلا يفتح أبدا فإن أهل النار محجوبون عن ربهم الأول وهو العرض اعلم أنه قد ورد في الخبر أن رسول الله ص سئل عن قوله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا فقال ذلك العرض يا عائشة من نوقش الحساب عذب وهو مثل عرض الجيش أعني عرض الأعمال لا لأنها زي أهل الموقف والله الملك فيعرف المجرمون بسيماهم كما يعرف الأجناد هنا بزيهم الثاني الكتب قال تعالى اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا وقال فأما من أوتي كتابه بيمينه وهو المؤمن السعيد وأما من أوتي كتابه بشماله وهو المنافق فإن الكافر لا كتاب له فالمنافق سلب عنه الايمان وما أخذ منه الإسلام فقيل في المنافق إنه كان لا يؤمن بالله العظيم فيدخل فيه المعطل والمشرك والمتكبر على الله ولم يتعرض للإسلام فإن المنافق ينقاد ظاهرا ليحفظ ماله وأهله ودمه ويكون في باطنه واحدا من هؤلاء الثلاثة وإنما قلنا إن هذه الآية تعم الثلاثة فإن قوله لا يؤمن بالله العظيم معناه لا يصدق بالله والذين لا يصدقون بالله هم طائفتان طائفة لا تصدق بوجود الله وهم المعطلة وطائفة لا تصدق بتوحيد الله وهم المشركون وقوله العظيم في هذه الآية يدخل فيها المتكبر على الله فإنه لو اعتقد عظمة الله التي يستحقها من يسمى بالله لم يتكبر عليه وهؤلاء الثلاثة مع هذا المنافق الذي تميز عنهم بخصوص وصف هم أهل النار الذين هم أهلها وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فهم الذين أوتوا الكتاب فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فإذا كان يوم القيامة قيل له خذه من وراء ظهرك أي من الموضع الذي نبذته فيه في حياتك الدنيا فهو كتابهم المنزل عليهم لا كتاب

314

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 314
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست