responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 313


كانت كالحشيش المحرق وهو الاستعداد لقبول الأرواح كاستعداد الحشيش بالنارية التي فيه لقبول الاشتعال والصور البرزخية كالسرج مشتعلة بالأرواح التي فيها فينفخ إسرافيل نفخة واحدة فتمر تلك النفخة على تلك الصور البرزخية فتطفئها وتمر النفخة التي تليها وهي الأخرى إلى الصورة المستعدة للاشتعال وهي النشأة الأخرى فتشتعل بأرواحها فإذا هم قيام ينظرون فتقوم تلك الصور أحياء ناطقة بما ينطقها الله به فمن ناطق بالحمد لله ومن ناطق يقول من بعثنا من مرقدنا ومن ناطق يقول سبحان من أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور وكل ناطق ينطق بحسب علمه وما كان عليه ونسي حاله في البرزخ ويتخيل أن ذلك الذي كان فيه منام كما تخيله المستيقظ وقد كان حين مات وانتقل إلى البرزخ كان كالمستيقظ هناك وأن الحياة الدنيا كانت له كالمنام وفي الآخرة يعتقد في أمر الدنيا والبرزخ أنه منام في منام وأن اليقظة الصحيحة هي التي هو عليها في الدار الآخرة وهو في ذلك الحال يقول إن الإنسان في الدنيا كان في منام ثم انتقل بالموت إلى البرزخ فكان في ذلك بمنزلة من يرى في المنام أنه استيقظ من النوم ثم بعد ذلك في النشأة الآخرة هي اليقظة التي لا نوم فيها ولا نوم بعدها لأهل السعادة لكن لأهل النار وفيها راحتهم كما قدمنا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا فالدنيا بالنسبة إلى البرزخ نوم ومنام فإن البرزخ أقرب إلى الأمر الحق فهو أولى باليقظة والبرزخ بالنظر إلى النشأة الأخرى يوم القيامة منام فاعلم ذلك فإذا قام الناس ومدت الأرض وانشقت السماء وانكدرت النجوم وكورت الشمس وخسف القمر وحشر الوحوش وسجرت البحار وزوجت النفوس بأبدانها ونزلت الملائكة على أرجائها أعني أرجاء السماوات وأتى ربنا في ظلل من الغمام ونادى المنادي يا أهل السعادة فأخذ منهم الثلاث الطوائف الذين ذكرناهم وخرج العنق من النار فقبض الثلاث لطوائف الذين ذكرناهم وماج الناس واشتد الحر وألجم الناس العرق وعظم الخطب وجل الأمر وكان البهت فلا تسمع إلا همسا وجئ بجهنم وطال الوقوف بالناس ولم يعلموا ما يريد الحق بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول الناس بعضهم لبعض تعالوا ننطلق إلى أبينا آدم فنسأله أن يسأل الله لنا أن يريحنا مما نحن فيه فقد طال وقوفنا فيأتون إلى آدم فيطلبون منه ذلك فيقول آدم إن الله قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وذكر خطيئته فيستحي من ربه أن يسأله فيأتون إلى نوح بمثل ذلك فيقول لهم مثل ما قال آدم ويذكر دعوته على قومه وقوله ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا فموضع المؤاخذة عليه قوله ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا لا نفس دعائه عليهم من كونه دعاء ثم يأتون إلى إبراهيم عليه السلام بمثل ذلك فيقولون له مثل مقالتهم لمن تقدم فيقول كما قال من تقدم ويذكر كذباته الثلاث ثم يأتون إلى موسى وعيسى ويقولون لكل واحد من الرسل مثل ما قالوه لآدم فيجيبونهم مثل جواب آدم فيأتون إلى محمد صلى الله عليه وسلم وهو سيد الناس يوم القيامة فيقولون له مثل ما قالوا للأنبياء فيقول محمد صلى الله عليه وسلم أنا لها وهو المقام المحمود الذي وعده الله به يوم القيامة فيأتي ويسجد ويحمد الله بمحامد يلهمه الله تعالى إياها في ذلك الوقت لم يكن بعلمها قبل ذلك ثم يشفع إلى ربه أن يفتح باب الشفاعة للخلق فيفتح الله ذلك الباب فيأذن في الشفاعة للملائكة والرسل والأنبياء والمؤمنين فبهذا يكون سيد الناس يوم القيامة فإنه شفع عند الله أن تشفع الملائكة والرسل ومع هذا تأدب صلى الله عليه وسلم وقال أنا سيد الناس ولم يقل سيد الخلائق فتدخل الملائكة في ذلك مع ظهور سلطانه في ذلك اليوم على الجميع وذلك أنه صلى الله عليه وسلم جمع له بين مقامات الأنبياء عليهم السلام كلهم ولم يكن ظهر له على الملائكة ما ظهر لآدم عليه السلام عليهم من اختصاصه يعلم الأسماء كلها فإذا كان في ذلك اليوم افتقر إليه الجميع من الملائكة والناس من آدم فمن دونه في فتح باب الشفاعة وإظهار ما له من الجاه عند الله إذ كان القهر الإلهي والجبروت الأعظم قد أخرس الجميع وكان هذا المقام مثل مقام آدم عليه السلام وأعظم في يوم اشتدت الحاجة فيه مع ما ذكر من الغضب الإلهي الذي تجلى فيه الحق في ذلك اليوم ولم تظهر مثل هذه الصفة فيما جرى من قضية آدم فدل بالمجموع على عظيم قدره صلى الله عليه وسلم حيث أقدم مع هذه الصفة الغضبية الإلهية على مناجاة الحق فيما سأل فيه فأجابه الحق سبحانه فعلقت الموازين ونشرت الصحف ونصب الصراط وبدئ بالشفاعة فأول ما شفعت الملائكة

313

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 313
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست