responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 469


وفيه علم من ادعى عليه بدعوى كاذبة يعلم المدعي عليه إن المدعي كاذب ولم يقم له بينة فوجب عليه اليمين فهو مأمور من الله بأن يحلف وليس له أن يرد اليمين على المدعي ولا أن ينكل عن اليمين فيعطيه ما ادعى عليه فيكون معينا له على ظلمه لنفسه وأنه في اليمين قد أحرز نفس صاحبه أن يتصرف فيما ظلمه فيه بما ادعاه فيستصحبه الإثم ما دام يتصرف فيه واليمين مانعة من ذلك ولم يبق على المدعي من الإثم إلا إثم اليمين خاصة فإن إثم كذبه في دعواه أزاله الحلف وعاد وبال الحلف الكاذب عليه فهو بمنزلة لو حلف كاذبا فيعود عليه إثم من حلف لو كان في يمينه كاذبا كرجل ادعى على رجل مثلا بمائة دينار وهو كاذب في دعواه ولم تقم له بينة تصدق دعواه فأوجب الحاكم اليمين على المدعى عليه فإن رد المدعي عليه اليمين على المدعي وكان الحاكم ممن يرى ذلك وإن كان لا يجوز عندنا فهذا المدعى عليه ما نصح المدعي وهو مأمور بالنصيحة فإن حلف المدعي بحكم القاضي فإن عليه إثم الحلف الفاجرة وعلى المدعى عليه إثم ظلمه للحالف فإنه الذي جعله يحلف وليس على الحاكم إثم فإنه مجتهد فغايته أن يكون مخطئا في اجتهاده فله أجر فإن قام المدعى عليه فأعطى المدعي ما ادعاه عليه تضاعف الإثم على المدعى عليه لأنه مكنه من التصرف في مال لا يحل له التصرف فيه ولا يزال الإثم على المدعي ما دام يتصرف في ذلك المال وفيما ينتجه ذلك المال ولا يزال الإثم على المدعى عليه كذلك من حيث إنه أعان أخاه على الظلم ولم يكن ينبغي له ذلك ومن حيث إنه عصى أمر الله بترك اليمين فإن الله أوجب اليمين عليه فلو حلف عمل بما أوجب الله عليه فكان مأجورا ونوى تخليص المدعي من التصرف في الظلم فله أجر ذلك ولم يبق على المدعي بيمين المدعى عليه إلا إثم يمينه خاصة فعلى المدعي إثم يمين كاذبة وهي اليمين الغموس وهذه مسألة في الشرع لطيفة لا ينظر إليها بهذا النظر إلا من استبرأ لدينه وكان من أهل الله فإنه يحب للناس ما يحب لنفسه فلا يعين أخاه على ظلم نفسه إذا أراد ذلك وفيه علم ما يذم من القدح وما يحمد وفيه علم المراقبة والحضور وإنهما من أبواب العصمة والحفظ الإلهي وتحصيل العلم النافع وفيه علم صفات أهل البشرى وأنواع المبشرات وحيث يكون وما يسوء منها وما يسر وفيه علم ما يظهر على من اعتز بالله من العزة والوقاية والحماية الإلهية وفيه علم من لم يعمل بما سمع مما يجب عليه العمل به ما سببه الذي منعه من ذلك وهل حكمه حكم من لم يسمع فيكون الله قد تفضل عليه أو يكون حكمه حكم من علم فلم يعمل فعاقبه الله فيكون الله قد عدل فيه فإنه يقول ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا فإنهم سمعوا حقيقة وفهموا فإنه خاطبهم بلسانهم فقال تعالى وهم لا يسمعون أي حكمهم حكم من لم يسمع عندنا مع كونهم سمعوا وما قال تعالى بما ذا يحكم فيهم وإن كان غالب الأمر من قرائن الأحوال العقوبة ولكن الإمكان لا يرتفع في نفس الأمر لما يعرف من فضل الله وتجاوزه عن سيئات أمثال هؤلاء فافهم وفيه علم ما يعطي الله المتوكل في قلبه إذا توكل على الله حق توكله وفيه علم الخلافة الإلهية وفيه علم أسباب الطبع على القلوب المؤدي إلى الشقاء وفيه علم طلب إقامة البينة من المدعي ويتضمن هذا العلم قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ولم يقل حتى نبعث شخصا فلا بد أن تثبت رسالة المبعوث عند من وجه إليه فلا بد من إقامة الدلالة البينة الظاهرة عند كل شخص شخص ممن بعث إليهم فإنه رب آية يكون فيها من الغموض أو الاحتمال بحيث أن لا يدرك بعض الناس دلالتها فلا بد أن يكون للدليل من الوضوح عند كل من أقيم عليه حتى يثبت عنده أنه رسول وحينئذ إن جحد بعد ما تيقن تعينت المؤاخذة ففي هذه الآية رحمة عظيمة لما هو الخلق عليه من اختلاف الفطر المؤدي إلى اختلاف النظر وما فعل الله ذلك إلا رحمة بعباده لمن علم شمول الرحمة الإلهية التي أخبر الله تعالى أنها وسعت كل شئ وفيه علم ما ينتجه الكرم وما ينتجه البخل وفيه علم رفع الإشكال في التلفظ بالإيمان حتى يعلم السامعون بأنه مؤمن علما لا يشكون فيه وهو المعبر عنه بالنصوص فإن الظاهر وإن كان ما يعلم بأول البديهة في الوضع ولكن يتطرق إليه الاحتمال وفيه علم من اعتنى الله به من عباده وفيه علم الخذلان وأهله وفيه علم ما يرجع إليه صاحب الحق إذا رد في وجهه وفيه علم أنواع الصبر في الصابرين والشكر في الشاكرين والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( الباب الخامس والسبعون وثلاثمائة ) في معرفة منزل التضاهي الخيالي وعالم الحقائق والامتزاج وهو من الحضرة المحمدية

469

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 469
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست