نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 468
ما هو وفرق بينه وبين الصدق وعلم عند ذلك أن الغيبة ليست بحق وأنها صدق ولهذا يسأل الصادق عن صدقه ولا يسأل ذو الحق إذا قام به فالغيبة والنميمة وأشباههما صدق لا حق إذ الحق ما وجب والصدق ما أخبر به على الوجه الذي هو عليه وقد يجب فيكون حقا وقد لا يجب ويكون صدقا لا حقا فلهذا يسأل الصادق عن صدقه إن كان وجب عليه نجا وإن كان لم يجب عليه بل منع من ذلك هلك فيه فمن علم الفرق بين الحق والصدق تعين عليه أن يتكلم في الاستحقاق وفيه علم ما ينتج من ذل لغير الله على إنزاله منه منزلة ربه جهلا منه به فإن ذل للصفة من غير اعتبار المحل كان له في ذلك الذي حكم آخر وفيه علم ما يحكم على الله وهو خير الحاكمين ومن هنا تعلم أن صفاته لو كانت زائدة على ذاته كما يقوله المتكلم من الأشاعرة لحكم على الذات ما هو زائد عليها ولا هو عينها وهذه مسألة زلت فيها أقدام كثيرين من العلماء وأضلهم فيها قياس الشاهد على الغائب أو طرد الدلالة شاهدا وغائبا وهذا غاية الغلط فإن الحكم على المحكوم عليه بأمر ما من غير أن يعلم ذات المحكوم عليه وحقيقته جهل عظيم من الحاكم عليه بذلك فلا تطرد الدلالة في نسبة أمر إلى شئ من غير أن تعرف حقيقة ذلك المنسوب إليه وفيه علم إن الله لا يجوز لأحد من المخلوقين التحكم عليه ولو بلغ من المنزلة ما بلغ إلى أن يأمره بذلك فيحكم عليه بأمره فيما يجوز له أن يوجبه على نفسه إن كان من العالم بخلاف الحق فإن المكلف تحت الحجر فلو أوجب على نفسه فعل ما حرم عليه فعله لم يجز له ذلك وكان كفارة ما أوجبه كفارة يمين فلم يخل عن عقوبة وإن لم يفعل ما أوجبه إذ لم يجز له ذلك ولا كفارة على من أوجب على نفسه فعل ما أبيح له فعله ولا مندوحة له إلا أن يفعله ولا بد وفيه علم المكر الخفي وتعجيل الجزاء عليه وفيه علم موجب الاضطرار في الاختيار وما ينفع الاضطرار وفيه علم الأسباب التي تنسى العالم بأمر ما يقتضيه حكم ذلك العلم من العمل وهي كثيرة وفيه علم الحسرة وهو أن أحد لا يؤاخذه على ما جناه سوى ما جناه فهو الذي آخذ نفسه فلا يلومن إلا نفسه ومن اتقى مثل هذا فقد فاز فوزا عظيما وبهذا تقوم الحجة لله على خلقه وإنه إذا تكرم عليهم بعدم تسليطهم عليهم وعفا وغفر وجب له الثناء بصفة الكرم والإحسان وفيه علم دعوة الله عباده لما ذا يدعوهم هل إلى عمل ما كلفهم أو إلى ما ينتجه عمل ما كلفهم في الدار الآخرة وإن الله ما كلف عباده ولا دعاهم إلى تكليف قط بغير واسطة فإنه بالذات لا يدعو إلى ما فيه مشقة فلهذا اتخذ الرسل عليهم الصلاة والسلام وقال جل ثناؤه وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وفيه علم الجزاء الوفاق وإذا أعطى ما هو خارج عن الجزاء فذلك من الاسم الواهب والوهاب وفيه علم العذاب المتخيل وفيه علم تذكر العالم ما كان نسيه إذ كان لم يعمل به فإن العامل بالعلم هو المنشئ صورته فمن المحال أن ينساه وفيه علم حسن التعليم إذ ما كل معلم يحسن التعليم وفيه علم التأسي بالله كيف يكون وهو المطلق في أفعاله وأنت المقيد وفيه علم البحث والحث على العمل بالأولى والأوجب وفيه علم الفرق بين العلم والظن أعني غلبة الظن وفيه علم العصمة والاعتصام وفيه علم ما يقال للمعاند إذا لم يرجع إلى الحق وهو ما يرجع إلى علم الإنصاف وفيه علم ما يعلم به إن أفعال العباد أفعال الحق لكن تضاف إلى العباد بوجه وإلى الحق بوجه فإن الإضافة في اللسان في اصطلاح النحاة محضة وغير محضة ومن الأفعال ما هي محضة لله إذا أضيفت إليه ومنها غير محضة لما فيها من الاشتراك فلم تخلص فالعبودية لله خالصة ومأمور بتخليصها كما قال تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين وهو ما تعبدهم به وقوله قل الله أعبد مخلصا له ديني وهو ما تعبده به في هذا الموضع وقوله إن الله لا يظلم الناس شيئا كلمة تحقيق فإن الناس لا يملكون شيئا حتى يكون ما يأخذ منهم بغير وجه حق غاصبا فكل ما يقال فيه إنه ملك لهم فهو ملك لله ومن ذلك أعمالهم ثم قال ولكن أنفسهم يظلمون فكنى سبحانه عن نفسه بأنفسهم لما وقع الظلم في العالم وقيل به فكأنه قال ولكن نفسه يظلم إن كان هذا ظلما ولا بد والمالك لا يظلم نفسه في ملكه فلو كان ما عند الناس ملك لهم ما حجر الله عليهم التصرف فيه ولا حد لهم فيه حدودا متنوعة فهذا يدلك على إن أفعال المكلف ما هي له وإنما هي لله فالظلم إلى الحقيقة في الناس دعواهم فيما ليس لهم إنه لهم فما عاقبهم الله إلا على الدعوى الكاذبة وفيه علم إدراج الكثير في القليل حتى يقال فيه إنه قليل وهو كثير في نفس الأمر وفيه علم الآجال في الأشياء ومعنى قوله لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون على تلك الساعة
468
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 468