نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 453
والأمور الغائبة التي لا تدركها العقول بأفكارها وليس لها مدرك إلا بالخير وليست الصور بشئ غير أعيان الممكنات وليس جوهر العالم سوى ما ذكرنا فللإطلاق على العالم من حيث جوهره حكم لا يكون له من حيث صورته وله حكم من حيث صورته لا يكون له من حيث جوهره فمن الناس من علم ذلك على الكشف وهم أصحابنا والرسل والأنبياء والمقربون ومن الناس من وجد ذلك في قوته وفي عقله ولم يعرف من أين جاء ولا كيف حصل له فيشرك أهل الكشف في الحكم ولا يدري على التحقق ما هو الأمر وهم القائلون بالعلة والقائلون بالدهر والقائلون بالطبيعة وما عدى هؤلاء فلا خبر عندهم بشئ من هذا الحكم كما إن هؤلاء الطوائف لا علم لهم بما يعلمه أهل الله وإن اشتركا في هذا الحكم فلو سألت علماء طائفة منهم ما أنكر لك عين ما أبانه أهل الله من ذلك وما حكم عليهم القول بذلك الحكم إلا ما عرفه أهل الله هم والقائلون بالعلة لا يشعرون ألا ترى الشارع وهو المخبر عن الله ما وصف الحق بأمر فيه تفصيل إلا وهو صفة المحدث المخلوق مع قدم الموصوف به وهو الله ولا قدم للعقل في ذلك من حيث نظره وفكره وسبب ذلك لا يعرف أصله ولا يعلم أنه صورته في جوهر العالم بل يتخيل أنه عين الجوهر فإن أردت السلامة فاعبد ربا وصف نفسه بما وصف ونفى التشبيه وأثبت الحكم كما هو الأمر عليه لأن الجوهر ما هو عين الصورة فلا حكم للتشبيه عليه ولهذا قال ليس كمثله شئ لعدم المشابهة فإن الحقائق ترمي بها وهو السميع البصير إثباتا للصور لأنه فصل حي فمن لم يعلم ربه من خبره عن نفسه فقد ضل ضلالا مبينا وأدنى درجته أن يكون مؤمنا بالخبر في صفاته كما آمن إنه ليس كمثله شئ وكلا الحكمين حق نظرا عقليا وقبولا والله يقول إنه بكل شئ محيط وعلى كل شئ حفيظ أتراه يحيط به وهو خارج عنه ويحفظ عليه وجوده من غير نسبة إليه فقد تداخلت الأمور واتحدت الأحكام وتميزت الأعيان فقيل من وجه هذا ليس هذا عن زيد وعمرو وقيل من وجه هذا عين هذا عن زيد وعمرو وإنها إنسان كذلك نقول في العالم من حيث جوهره ومن حيث صورته كما قال الله ليس كمثله شئ وهو يعني هذا الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير وحكم السمع ما هو حكم البصر ففصل ووصل وما انفصل ولا اتصل فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر * ومن شاء فيعجز ومن شاء فلينظر فمن علم العلم الذي قد علمته * حقيق عليه إن يسر وأن يشكر إذا ناله التقوى فكن فطنا بما * يقول لمن يدري بذلك ويشعر وما قال هذا القول للخلق باطلا * ولكنه ذكرى لمن شاء فليذكر هو الحيرة العمياء لمن كان ذا عمى * هو المنظر الأجلى لذي بصر يبصر ولما ظهرنا في وجود عمائه * علمنا وجود القرب فينا ولم نحصر ( وصل إشارة وتنبيه ) اعلم أن كل متلفظ من الناس بحديث فإنه لا يتلفظ به حتى تخيله في نفسه ويقيمه صورة يعبر عنها لا بد له من ذلك ولما كان الخيال لا يراد لنفسه وإنما يراد لبروزه إلى الوجود الحسي في عينه أي يظهر حكمه في الحس فإن المتخيل قد يكون مرتبة وقد يكون ما يقبل الصورة الوجودية كمن يتخيل أن يكون له ولد فيولد له ولد فيظهر في عينه شخصا قائما مثله وقد يتخيل أن يكون ملكا وهي رتبة فيكون ملكا ولا عين للمملكة في الوجود وإنما هي نسبة وإذا كان هذا وكان ما يتخيل يعبر كالرؤيا كذلك يعبر كل كلام ويتأول فما في الكون كلام لا يتأول ولذلك قال ولنعلمه من تأويل الأحاديث وكل كلام فإنه حادث عند السامع فمن التأويل ما يكون إصابة لما أراده المتكلم بحديثه ومن التأويل ما يكون خطأ عن مراد المتكلم وإن كان التأويل إصابة في كل وجه سواء أخطأ مراد المتكلم أو أصاب فما من أمر لا وهو يقبل التعبير عنه ولا يلزم في ذلك فهم السامع الذي لا يفهم ذلك الاصطلاح ولا تلك العبارة فإن علوم الأذواق والكيفيات وإن قبلت لانتقال ولكن لما كان القول بها والعبارة عنها لإفهام السامع لذلك قالوا ما ينقال ولا يلزم ما لا يفهم السامع المدرك له أن لا يصطلح مع نفسه على لفظ يدل به على ما ذاقه ليكون له ذلك اللفظ منبها ومذكرا له إذا نسي ذلك في وقت آخر وإن لم يفهم عنه من لا ذوق له فيه والتأويل عبارة عما يؤول إليه ذلك الحديث
453
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 453