نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 454
الذي حدث عنده في خياله وما سمي الإخبار عن الأمور عبارة ولا التعبير في الرؤيا تعبير إلا لكون المخبر يعبر بما يتكلم به أي يجوز بما يتكلم به من حضرة نفسه إلى نفس السامع فهو ينقله من خيال إلى خيال لأن السامع يتخيله على قدر فهمه فقد يطابق الخيال الخيال خيال السامع مع خيال المتكلم وقد لا يطابق فإذا طابق سمي فهما عنه وإن لم يطابق فليس يفهم ثم المحدث عنه قد يحدث عنه بلفظ يطابقه كما هو عليه في نفسه فحينئذ يسمى عبارة وإن لم يطابقه كان لفظا لا عبارة لأنه ما عبر به عن محله إلى محل السامع وسواء نسب ذلك الكلام إلى من نسب وإنما قصدنا بهذه الإشارة التنبيه على عظم رتبة الخيال وأنه الحاكم المطلق في المعلومات غير إن التعبير عن غير الرؤيا رباعي والتعبير عن الرؤيا ثلاثي أي في الرؤيا وهما من طريق المعنى على السواء وعين الفعل في الماضي في تعبير الرؤيا مفتوح وفي المستقبل مضموم ومخفف وهو في غير الرؤيا مضاعف في الماضي والمستقبل مفتوح العين في الماضي وتكسر في مستقبله وإنما كان التضعيف في غير الرؤيا للقوة في العبارة لأنها أضعف في الخيال من الرؤيا فإن المعبر في غير الرؤيا يعبر عن أمر متخيل في نفسه استحضره ابتداء وجعله كأنه يراه حسا فضعف عمن يعبر عن الخيال من غير فكر ولا استحضار كصاحب الرؤيا فإن الخيال هنالك أظهر له ما فيه من غير استحضار من الرائي والمتيقظ ليس كذلك فهو ضعيف التخيل بسبب حجاب الحس فاحتاج إلى القوة فضعف التعبير عنه فقيل عبر فلان عن كذا وكذا بكذا وكذا بتشديد عين الفعل ألا ترى قولهم في عبور الوادي يقولون عبرت النهر أعبره من غير تضعيف لأن النهر هنا غير مستحضر بل هو حاضر في الحس كما كان ذلك حاضرا في الخيال من غير استحضار فاستعان بالتضعيف لما في الاستحضار من المشقة والاستعانة تؤذن بالتضعيف أبدا حيث ظهرت لأنه لا يطلب العون إلا من ليس في قوته مقاومة ذلك الأمر الذي يطلب العون عليه فكل ما لا يمكن الاستقلال به فإن العامل له لا بد أن يطلب العون والمعين على ذلك فافهم فإنه من هنا تعرف رتبة ما لا يمكن وجوده للموجد له إلا بمساعدة أمر آخر ما هو عين الموجد فذلك الأمر الآخر معين له على إظهار ذلك الأمر وهنا يظهر معنى قوله حتى يسمع كلام الله إذا أراد الحق إيصاله إلى أذن السامع بالأصوات والحروف أو الإيماء والإشارة فلا بد من الواسطة إذ يستحيل عليه تعالى قيام الحوادث به فافهم وعلى الله قصد السبيل وفي هذا المنزل من العلوم علم ما يفتقر إليه ولا يتصل به وفيه علم بيان الجمع أنه عين الفرق وفيه علم الفرق بين علم الخبر وعلم النظر العقلي وعلم النظر الكشفي وهو الذي يحصل بإدراك الحواس وفيه علم تنبيه الغافل بما ذا ينبه ومراتب التنبيه وفيه علم شرف العلم على شرف الرؤية فقد يرى الشخص شيئا ولا يدري ما هو فيقصه على غيره فيعلمه ذلك الغير ما هو وإن لم يره فالعلم أتم من الرؤية لأن الرؤية طريق من طرق العلم يتوصل بالسلوك فيه من هو عليه إلى أمر خاص وفيه علم ظهور الباطل في صورة الحق وهما على النقيض ومن المحال أن يظهر أمر في صورة أمر آخر من غير تناسب فهو مثله في النسبة لا مثله في العين وهذا هو في صناعة النحو فعل المقاربة يقولون في ذلك كاد النعام يطير وكاد العروس يكون أميرا والحق تعالى يظهر في عين الرائي السراب ماء وليس بماء وهو عنده إذا جاء إليه الظمآن وكذلك المعطش إلى العلم بالله يأخذ في النظر في العلم به فيفيده تقييد تنزيه أو تشبيه فإذا كشف الغطاء وهو حال وصول الظمآن إلى السراب لم يجده كما قيده فأنكره ووجد الله عنده غير مقيد بذلك التقييد الخاص بل له الإطلاق في التقييد فوفاه حسابه أي تقديره فكأنه أراد صاحب هذا الحال أن يخرج الحق من التقييد فقال له الحق بقوله فوفاه حسابه لا يحصل لك في هذا المشهد إلا العلم بي إني مطلق في التقييد فإنا عين كل تقييد لأني أنا العالم كله مشهود ومعلوم وهذا هو الكيد الإلهي من قوله وأكيد كيدا ومكروا ومكر الله وفيه علم ما هو مربوط بأجل لا يظهر حتى يبلغ الكتاب فيه أجله وفيه علم قيمة المثل وفيه علم تنزيه الأنبياء مما نسب إليهم المفسرون من الطامات مما لم يجئ في كتاب الله وهم يزعمون أنهم قد فسروا كلام الله فيما أخبر به عنهم نسأل الله العصمة في القول والعمل فلقد جاءوا في ذلك بالكبر الكبائر كمسألة إبراهيم الخليل ع وما نسبوا إليه من الشك وما نظروا في قول رسول الله ص نحن أولى بالشك من إبراهيم فإن إبراهيم ع ما شك في إحياء الموتى ولكن لما علم إن لإحياء الموتى وجودها متعددة مختلفة لم يدر بأي وجه منها يكون يحيي الله به الموتى وهو مجبول على طلب العلم فعين الله
454
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 454