responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 430


التعيين فدخل بالسلام الثاني بحرف العطف في عباد الله الصالحين فإنه من الصالحين بلا شك من كل وجه فهو في المرتبة التي لا تنبغي لنا فابتدأنا بالسلام علينا في طورنا من غير عطف واعلم أنه لم نقف على رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تشهده الذي كان صلى الله عليه وسلم يتشهد به بلسانه في تشهده في الصلاة في قولنا السلام عليك أيها النبي هل كان يقوله بهذا اللفظ أو يقوله بغير هذا اللفظ مثل عيسى عليه السلام إذ قال والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا أو لا يقول شيئا من ذلك ويكتفي بقولنا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإن كان قال مثل ما علمنا أن نقول من ذلك فله وجهان أحدهما أن يكون المسلم عليه هو الحق وهو نائب مترجم عنه تعالى في ذلك كما جاء في سمع الله لمن حمده والوجه الآخر أن يقوم في دعائه في تلك الحالة في مقام غير مقام النبوة ثم يخاطب نفسه من حيث المقام الذي أقيم فيه نفسه أيضا من كونه صلى الله عليه وسلم نبيا ويحضره من أجل كاف الخطاب فيقول صلى الله عليه وسلم بلسانه للمقام الذي أحضره فيه أي أحضر نفسه فيه السلام عليك أيها النبي فعل الأجنبي ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله فأما معنى الشهادة فقد تقدم في أول التشهد وهذا التوحيد هنا إنما هو توحيد ما يقتضيه عمل الصلاة عموما وما يقتضيه حال كل مصل في صلاته خصوصا فإن أحوال المصلين تختلف في الصلاة بلا شك من كل وجه من وجوه الأحكام ومن وجوه المقامات ومن وجوه الأذواق فمن وجوه الأحكام فإن صلاة الحنفي تخالف صلاة المالكي والشافعي في بعض الأحكام ومن وجوه المقامات فإن صلاة المتوكل تخالف صلاة الزاهد ومن وجوه الأذواق فإن صلاة الراضي تخالف صلاة الشكور وصلاة الصاحي تخالف صلاة السكران في الطريق الذوقي فإن الصحو والسكر هو من علوم الأذواق ثم عطف الشهادة بالعبودية لله والرسالة على شهادة التوحيد ليعلم أنه من أطاع الرسول فقد أطاع الله فإنه صلى الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوى وما عليه إلا البلاغ والإبلاغ لا يكون إلا حال مبلغ من مبلغ عنه إلى مبلغ إليه وهو العطف بواو الاشتراك يؤذن بالقرب الإلهي من السيد بما فيه من العبودية لله وبالقرب من المرسل بما فيه من ذكر الرسالة المضافة إلى الهوية التي هي غيب لمن أرسلوا إليهم وللرسول من حيث إن الروح الأمين جاء بها إليه من عند ربه فهو أقرب سندا منا إلى المرسل وتلقاها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الروح بربه لا بنفسه كما يتلقى العارفون ما يأتيهم من ربهم على ألسنة العالم وحركاتهم بربهم لا بأنفسهم فإنه من يرى ربه في نفسه يراه في غيره بلا شك كما يقول أهل الله في حال المتوكل من صح توكله في نفسه صح توكله في غيره وإنما قلنا تلقاها بربه لا بنفسه إذ لو تلقى المتلقي أمر ربه ووحيه بنفسه دون ربه لاحترق في موضعه من سطوات أنوار الروح الأمين ألا تراه مع القوة الإلهية التي أيده الله بها كيف جاء إلى بيت خديجة ترجف بوادره يقول زملوني زملوني زملوني دثروني لاضطراب مفاصله وتخلل النور الروحاني مسالك ذاته فكان يسمع لها قضيض فبدأ في الشهادة حين عطفها باسمه محمدا لما جمع فيه من المحامد أي بها استحق العطف بحرف التشريك ثم قال عبد الله فذكره بعبودية الاختصاص ليعلم بحريته عن كل ما سوى الله وخلوص عبوديته لله ليس فيه شقص لكون من الأكوان ثم عطف بالرسالة على العبودية وعلى الله بالهوية فزاده في العبودية اختصاصين وهما النبوة والرسالة وذكر الرسالة دون النبوة لتضمنها إياها فلو ذكر النبوة وحدها كان يبقى علينا ذكر اختصاصه بالرسالة فيحتاج إلى ذكرها حتى نعلم بخصوص أوصافه ونفرق بينه وبين من ليس له منزلة الرسالة من عباد الله النبيين فهذا تشهد لسان الكمال ( التشهد بلسان الجمال ) وأما تشهد لسان الجمال فهو تشهد عبد الله بن مسعود الذي ذكرناه وهو على هذا الحد إلا ما اختص به فما أذكره وهو أن يقول صاحب هذا المقام بلسانه والصلوات والطيبات فأتى بالصلوات لعموم ما تدل عليه في الرحموتيات والدعاء وأنواعه من الأحوال وكلها صلاة هو الذي يصلي عليكم وملائكته وعطف عليها الطيبات من باب عطف النعوت فهي نعت معطوف للصلوات وعليها ليطيب بها نفسا واختص أيضا في هذا التشهد بإضافة العبودية إلى الهوية لا إلى الله وهو مقام شريف في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أخبر أنه صلى الله عليه وسلم في حال نظره في ربه من حيث ما تستحقه ذاته التي لا يحاط بها علما بل لا تعرف أصلا بالصفة الثبوتية وليست سوى واحدة لا يصح أن تكون اثنتين لأن الفصل المقوم

430

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 430
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست