responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 429


عليه بالرسالة فإن النبوة في حق ذات النبي أعم وأشرف فإنه يدخل فيها ما اختص به في نفسه وما أمر بتبليغه لأمته الذي هو منه رسول فعم وعرف ما ينبغي أن يخاطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الحضور وإيه به من غير حرف نداء يؤذن ببعد لما هو عليه من حال قربه ولهذا جاء بحرف الخطاب ثم عطف بعد السلام عليه بالرحمة الإلهية لشمولها الامتنان والوجوب فأضافها إلى الله لما رزقه صلى الله عليه وسلم من السلامة من كل ما يشنوه في مقامه ذلك وعطف بالبركات المضافة إلى الهوية والبركات هي الزيادة وقد أمر أن يقول رب زدني علما فكان هذا المصلي في هذه التحيات يقول له سلام عليك ورحمته تقتضي الزيادات عندك من العلم بالله الذي هو أشرف الحالات عند الله كما جاء بالزاكيات في التحيات فناسب بين الزكاة والبركة ولهذا جعل الله تعالى البركة في الزكاة التي هي الصدقات لارتباطها بها لأن الصدقة إخراج ما كان في اليد وهي الزكاة ولا تبقي في الوجود خلاء فيعوضه الله ويملأ يديه من الخير العلمي وغيره من الثواب المحسوس في دار الكرامة ما لا يقدر قدره في مقابلة ما أخرجه ثم يقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فسلم على نفسه بشمول السلام وأجناسه كما سلم على النبي صلى الله عليه وسلم يقول تعالى فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم والدخول في كل حال من أحوال الصلاة كالبيوت في الدار الجامعة تحية من عند الله مباركة طيبة فجعلك رسولا من عنده إلى نفسك بهذه التحية المباركة لما فيها من زوائد الخير الطيبة فإنها حصلت له ذوقا فاستطابها كما أنها طيبة الأعراف بسيرانها من نفس الرحمن وجاء بنون الجمع في قوله السلام علينا يؤذن أنه مبلغ سلامه لكل جزء فيه مما هو مخاطب بعبادة خاصة وإنما سلم عليهم لكونه جاء قادما من عند ربه لغيبته عن نفسه حين دعاه الحق إلى مناجاته فكبر تكبيرة الإحرام فمنعته هذه الحالة أن ينظر إلى غير من دعاه إليه فلهذا سلم على نفسه بنون الجماعة وذلك إذا كان هذا العبد قد دخل إلى بيت قلبه ونزه الحق أن يكون حالا فيه وإن وسعه كما قال الله لما يقتضيه جلال الله من عدم المناسبة بين ذاته تعالى وبين خلقه ورأى بيت قلبه خاليا من كل ما سوى الله والحق لا يسلم عليه فإنه هو السلام وقد نهوا عن ذلك لأنهم كانوا يقولون السلام على الله في التشهد فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام فلما دخل بيته ولم ير فيه أحدا أو نزه الحق أن يحوي عليه بيت قلبه فما بقي له أن يشهد سوى عالمه المكلف وليس سوى نفسه وقد أمره الله إذا دخل بيتا خاليا من كل أحد أن يسلم على نفسه في قوله فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم فيكون العبد هنا مترجما عن الحق في سلامه لأنه قال تحية من عند الله مباركة كما جاء في سمع الله لمن حمده فكذلك يقولها في الصلاة نيابة عن الحق جل جلاله وتقدست أسماؤه لأنه ما ثم من حدث له حال دخول أو خروج فيكون السلام منه أو عليه فدل على أنه تجل خاص ولا بد فافهم إن أردت أن تكون من أهل هذا المقام في الصلاة ثم عطف من غير إظهار لفظ السلام على عباد الله الصالحين فشمل بالألف واللام ليصيب سلامه كل عبد صالح لله في السماوات والأرض ولا ينوي من الصالحين ما هو المعهود في العرف ما ثم إلا صالح فإن الله يقول وإن من شئ إلا يسبح بحمده فكل شئ ينزه ربه فهو إذن صالح هذا من علوم الايمان والكشف فانو بالصالحين الذين استعملوا فيما صلحوا له وليس سوى التسبيح فإن الله أخبر عنهم أنهم بهذه الصفة فلم يبق كافر ولا مؤمن إلا وقد شملت تفاصيله هذه الآية ولكن أكثر الناس لا يعلمون لأنهم لا يسمعون ولا يشهدون ولهذا لم يذكر لفظة السلام في هذا العطف واكتفى بالواو تنبيها فإنه يدخل فيه من يستحق السلام عليه بطريق الوجوب ومن لا يستحق ذلك بطريق الوجوب فسر حتى لا يتميز المستحق من غير المستحق رحمة منه بعباده أنه هو الغفور الرحيم ولم يعطف السلام الذي سلم به على نفسه على السلام الذي سلم به على النبي صلى الله عليه وسلم بل جعله مبتدأ فإن النبوة أعني نبوة التشريع طور آخر متميز عن طور الاتباع فإنه لو عطف عليه لفظ السلام على نفسه لسلم على نفسه أيضا من جهة النبوة للواو الذي يعطي الاشتراك وباب النبوة قد سده كما سد باب الرسالة وأعني نبوة التشريع وما بقي بأيدينا إلا الوراثة إلى يوم القيامة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي فعين بهذا أنه لا مناسبة بيننا وبين الرسل في هذا المقام فحصل له الأولية صلى الله عليه وسلم على التعيين وحصل له الآخرية صلى الله عليه وسلم لا على

429

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 429
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست