responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 420


مجيبا دعاءك لبيك ومساعدة لما تريده مني على نفسي بالقبول ثم يقول والخير كله بيديك لما كان هو الخير المحض فإنه الوجود الخالص المحض الذي لم يكن عن عدم ولا إمكان عدم ولا شبهة عدم كان الخير كله بيديه ثم يقول والشر ليس إليك يقول ولا يضاف الشر إليك والشر المحض هو العدم أي لا يضاف إليك عدم الخير ولا ينبغي لجلالك وأتى بالألف واللام لشمول أنواع الشر أي الشر المطلق والشر المقيد بالصور الخاصة هذا كله ليس إليك أي ما سميته شرا أو هو شر لا ينبغي أن يضاف إليك أدبا وحقيقة وأقوى ما يحتج به المخالف في هذه المسألة قوله تعالى كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وقوله ومن يضلل الله فما له من هاد فاعلم إن مطلق الضلالة الحيرة والجهل بالأمر وبطريق الحق المستقيم فقوله يضل الله من يشاء أي من عرفه بطريق الضلالة فإنه يضل فيها ومن عرفه بطريق الهداية فإنه يهتدي فيها مثل قوله في الهداية ليس كمثله شئ وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وما قدروا الله حق قدره ولم يكن له كفوا أحد فالعقل السليم يهتدي به عند ما يسمع مثل هذا من الحق ولذا قال ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ونحن أقرب إليه من حبل الوريد وقوله ومن أتاني يسعى أتيته هرولة وأمثال هذه فإن العقل السليم يحار في مثل هذه الأخبار ويتيه فهذا معنى يضل أي يحير العقول بمثل هذه الخطابات الصادرة من الله على ألسنة الرسل الصادقة المجهولة الكيفية ولا يتمكن للعقل أن يهتدي إلى ما قصده الحق بذلك مما لا يليق بالمفهوم ثم يرى العقل أنه سبحانه ما خاطبنا إلا لنفهم عنه والمفهوم من هذه الأمور يستحيل عليه سبحانه من كل وجه يفهمه العبد بضرب من التشبيه المحدث أما من طريق المعنى المحدث أو من طريق الحس ولا يتمكن للعقل أن لا يقبل هذا الخطاب فيحار فثم حيرة يخرج عنها العبد ويتمكن له الخروج منها بالعناية الإلهية وثم حيرة لا يتمكن له الخروج عنها بمجرد ما أعطى الله للعقل من أقسام القوة التي أيده الله بها فيحار الدال في المدلول لعزة الدليل ثم يجئ الشرع بعد هذا في أمور قد حكم العقل بدليله على إحالتها فيثبت الشرع ألفاظا تدل على وجوب ما أحاله فيقبل ذلك إيمانا ولا يدري ما هو فهذا هو الحائر المسمى ضالا وقد روى أنه قال زدني فيك تحيرا أي أنزل إلي نزولا يحيله العقل من جميع وجوهه ليعرف عجزه عن إدراك ما ينبغي لك ولجلالك من النعوت وأما الشقاء والسعادة المعبر بهما عن الأمور التي تتألم بها النفوس وتتنعم فذلك مطلب عام للنفوس من حيث الحس والمحسوس وهذا الذي نحن بصدده أمر آخر يرجع إلى معرفة الحقائق ثم يقول أنا بك وإليك أي بك ابتداء لا بنفسي وهو قولنا إن الإنسان موجود بغيره وقوله وإليك أي وإليك يرجع عين وجودي فما أنا هو أنت هو فإنه ما استفدت منك إلا الوجود وأنت عين الوجود وأنا على أصل ذاتي من العدم ما تغير على حكم ولا حال في إمكاني لا أبرح ثم يقول تباركت أي البركة والزيادة لك لا لي يقول أنت الوجود لك ثم كسوتنيه ولم أكن فكانت البركة والزيادة في الوجود حيث ظهر بنسبتين فظهر بي وهو وجودك ونسب إليك وهو عينك ثم يقول وتعاليت أي فإنك تتعالى أن تظهر بغيرك فلا يكون الوجود المنسوب إليك غير هويتك هذا معنى قوله تباركت وتعاليت ثم يقول أستغفرك وأتوب إليك يقول أطلب التستر منك في اتصافي بالوجود لئلا أغيب عن حقيقتي فادعى الوجود وهو ليس أنا بل هو أنت وما أنا أنت فإنا أنا على ما أنا عليه لذاتي وأنت أنت على ما أنت عليه لذاتك ومني فلك الظهور في بما وصفتني به من الوجود وما لي ظهور فيك بما أنا عليه في حقيقتي من الإمكان ثم يقول وأتوب إليك أي وأرجع إليك من حيث ما وصفت به من الوجود إذ كنت أنت هو عين الوجود والموصوف به أنا فرجوعه إليك هو قولي وأتوب إليك وفرع ما يقوله العبد من الدعاء والتوجيه بين التكبير والقراءة فلنشرع إن شاء الله تعالى في قراءة الفاتحة بلسان العلماء بالله في حال الصلاة لا في حال غيره ( وصل في اعتبار قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة ) اعلم أن العالم بالله إذا فرع من الذي ذكرناه يشرع في القراءة على حد ما أمره الله به عند قراءة القرآن من التعوذ لكونه قارئا لا لكونه مصليا ولما علمتك إن الله يقول عند قراءة العبد القرآن كذا جوابا على حكم الآية التي يقرأها فينبغي للإنسان إذا قرأ الآية أن يستحضر في نفسه ما تعطيه تلك الآية على قدر فهمه فإن الجواب يكون مطابقا لما استحضرته

420

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 420
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست