نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 337
يتوقّف عليها الاستقرار في دار الكرامة بالإيمان والتنعّم بأقسام نِعَم الطاعات والقُربات . وبعبارة واضحة : القرب من الله وكرامته بقاءً - كما هو حدوثاً - على التوبة من الشرك ومن كلّ معصية . قال تعالى : * ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) * [1] . وبهذا يتّضح أنّ حاجة السالك إلى التوبة ، لا تقتصر على البداية فقط ، كما هو المتبادر من كتب السير والسلوك ، حيث جُعلت في البدايات بعد اليقظة ، بل الحاجة إليها في أوّل المقامات وأوسطها وآخرها ، فلا يفارقها العبد السالك ، ولا يزال فيه إلى الممات - على اختلاف مراتبها ودرجاتها كما سيتّضح - وإن ارتحل إلى مقام آخر ارتحل بها ، واستصحبها معه ، ونزل بها . فالتوبة هي الغاية التي يجري إليها العارفون بالله وعبوديّته ، السالكون إليه للوصول إلى لقائه . ويترتّب على ذلك - في ضوء ما أسلفنا أنّ - التوبة بمثابة القاسم المشترك بين المقامات كلّها - بحسب كلّ منزل منزل - وبعبارة أخرى : هي محور الارتكاز الذي ترتكز عليه جميع المقامات عند الصوفيّة . قال التلمساني في شرحه على منازل السائرين : « التوبة في اللغة : هي الرجوع ، تقول : تاب على أثره ، أي رجع على أثره ، وهي هنا الرجوع عن المخالفة إلى الموافقة ، ورجوع التائب يكون عن طريق المغضوب عليهم والضالّين إلى الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم عليهم ، وذلك لا يكون إلاّ بالهداية ، ولذلك يقول العبد : * ( اهدِنَا الصِّرَاطَ