نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 290
وبذلك يصحّ تقسيم المكاشفات إلى بديهية ونظرية . أمّا الأولى فهي من قبيل التصديقات البديهية التي لا تحتاج في إثباتها إلى دليل وهذا القسم محصور بمكاشفات المعصوم ، وأمّا الثانية فإنّها تحتاج إلى دليل في مقام إثباتها للآخرين . وفي ضوء ذلك يتّضح لنا جليّاً أنّ العارف وإن كان يسلك منهجاً مغايراً عن منهج المتكلّم - وهو النقل [1] - وعن منهج الفيلسوف - وهو العقل - حيث يتّخذ الشهود والكشف والإشراق سبيلاً ومنهجاً في تحقيق المعارف الإلهيّة ، إلاّ أنّه في مقام إيصال وإثبات ما وصل إليه وتحقّق به نجده يسلك منهجاً آخر وهو المنهج العقلي لإقناع الفيلسوف ، ومنهج النقل لإقناع المتكلّم ، وبذلك يفترق المنهج الثبوتي الشهودي - الذي لا يعدل به منهجاً آخر في تحقيق المعارف ، بل إنّه يعتقد أنّ جميع المناهج الأخرى قاصرة وعاجزة عن الوصول إلى الحقائق - عن المنهج الإثباتي . وهذا يعني أنّ الصراع المحتدّ بين العرفاء والفلاسفة أساسه في المنهج المتّبع لا في الحقائق التي انتهوا إليها . وعلى أيّ حال فإنّ العارف - وإن كان شامخاً في عرفانه وسلوكه - سوف يبقى في المقام الثاني الإثباتي مفتقراً للبرهنة على ما شاهد عياناً لإثبات صحّة دعواه ; ضرورة أنّ ما توصّل إليه وتحقّق به في
[1] ربّما يُقال إنّ المتكلّم يتّخذ النقل والعقل معاً منهجاً في الوصول إلى المعارف العقائدية ، وجوابه : هو أنّه في مقام الوصول إلى تلك المعارف لا يسلك غير النقل ، وأمّا العقل فإنّه يحتاجه في المقام الثاني وهو إثبات ما وصل اليه للآخرين .
290
نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 290