نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 283
السالك بعد أن يأخذ قسطه من معارف التوحيد ومن الشهود والفناء في السفر الثاني يشرع في السفر الثالث « من الحقّ إلى الخلق بالحقّ » وهذا يعني أنّه سوف تكون له وظيفة جديدة ومسؤولية أُخرى ، ولكنّ هذا السفر الثالث ومن بعده الرابع لا يكونان مانعين من رجوع السالك إلى السفر الثاني أو الاتّصال به ، خاصّة وأنّ الرجوع لا يكون بحركة مادّية على نحو التجافي وإنّما حركته وانتقاله وعودته هي على نحو التجلّي ; فإنّ السالك في نزوله ( قوس النزول ) وفي صعوده التكاملي ( قوس الصعود ) تتّصف حركته وانتقاله بأنّه على نحو التجلّي لا التجافي . فإذا كانت كذلك فإنّ له الرجوع والاتّصال بالسفر الثاني بمعنى الظهور فيه والتجلّي ، ليأخذ وينهل من معارف التوحيد والشهود والفناء . وأمّا ما نعنيه بالعزلة فهو أنّ السالك ما دام سائراً في السفر الثاني فإنّه يعيش عزلة تامّة عمّا سوى الله تعالى ، وهذا ما كان عليه صدر المتألّهين رحمه الله بحسب ظاهر كلماته في عزلته التي يقول فيها : « . . . فتوجّهت توجّهاً غريزياً نحو مُسبّب الأسباب وتضرّعت تضرّعاً جبلياً إلى مُسهّل الأمور الصعاب . فلمّا بقيت على هذا الحال من الاستتار والانزواء والخمول والاعتزال زمناً مديداً وأمداً بعيداً ، اشتعلت نفسي لطول المجاهدات اشتعالا نوريّاً . . . فاقتضت رحمته أن لا يختفي في البطون والأسرار ، هذه المعاني المنكشفة لي من مفيض عالم الأسرار . . . » [1] ، فعزلته كانت لسيره في السفر الثاني الذي اقتضى
[1] الحكمة المتعالية في الأسفار العقليّة الأربعة ، مصدر سابق : ج 1 ، ص 8 .
283
نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 283